لعبيد الله بن عمر قد رأينا أبو لؤلؤة عند الهرمزان وهذه معه يقلّبها ، وكان الهرمزان ينقطع إليه أعاجم أهل المدينة ويستروحون إليه فيحسن إليهم ، فاتّهمه وهو بريء ، فعدا عليه فقتله ، فأخذ فأتي به عثمان ، فبعث إليّ فقال : إنّ هذا قاتل أبيك فخذه فاصنع به ما بدا لك ، فأبرزته وطاف في الناس فكلّموني في العفو عنه ، فقلت : هل لأحد أن يمنعني منه؟ قالوا : لا ، قلت : أليس صاحبي إن شئت قتلته ، قالوا : بلى ، قلت : فإني قد عفوت عنه ، فو الله ما أتيت منزلي إلّا على رءوس الرجال (١).
ولو لم يكن الأمر كما حدّث القماذيان لم يقل الطعانون على عثمان عدل ست سنين ، وإذا لقالوا : استأنف الجور من لدن ولي لأنه تعطيل حدّ من محارم الله عزوجل (٢).
أخبرنا أبو القاسم أيضا ، أنا أبو الفضل بن البقّال ، أنا أبو الحسين بن بشران ، أنا أبو عمرو بن السماك ، نا حنبل بن إسحاق ، نا الحميدي ، نا سفيان ، نا عمرو قال : قال علي بن أبي طالب :
لئن أخذت عبيد الله بن عمر لأقتلنه بالهرمزان ، فقال عمرو بن العاص : يا عباد الله أيقتل عمر وابنه؟ أيقتل عمرو ابنه؟.
قرأت على أبي غالب بن البنّا ، عن أبي محمّد الجوهري ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، أنا أحمد بن معروف ، نا الحسين بن فهم ، نا محمّد بن سعد (٣) ، أنا محمّد بن عمر ، حدّثني كثير بن زيد ، عن المطّلب بن عبد الله بن حنطب قال :
قال علي لعبيد الله بن عمر : ما ذنب بنت أبي لؤلؤة حين قتلتها؟ قال : فكان رأي عليّ حين استشاره عثمان ورأي الأكابر من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم على قتله ، لكن عمرو بن العاص كلّم عثمان حتى تركه ، فكان عليّ يقول : لو قدرت على عبيد الله بن عمر ولي سلطان لاقتصصت منه.
قال : ونا ابن سعد (٤) ، حدّثني هشام بن سعد ، حدّثني من سمع عكرمة مولى ابن عباس
__________________
(١) تاريخ الطبري ٢ / ٥٩٠ (حوادث سنة ٢٤) والكامل لابن الأثير بتحقيقنا ٢ / ٢٢٦ ـ ٢٢٧ (حوادث سنة ٢٣) وأسد الغابة ٣ / ٤٢٤.
(٢) عقب ابن الأثير في أسد الغابة قال :
وهذا أيضا فيه نظر ، فإنه لو عفا عنه ابن الهرمزان ، لم يكن لعلي أن يقتله ، وقد أراد قتله لما ولي الخلافة ...
فأراد قتله فهرب منه إلى معاوية (أسد الغابة ٣ / ٤٢٤).
(٣) طبقات ابن سعد ٥ / ١٦ ـ ١٧.
(٤) المصدر السابق ص ١٧.