أثبت التحقيق أن كل هذه الأقوال متأثرة ببعضها ، وقلد فيها المتأخر من سبقه ، فالنسخة كاملة كما ذكرت في ثلاثة أجزاء ، مستوفية إحدى عشرة طبقة ، ولعلّ الوهم جاء من أن المؤلف قد خلط الطبقة العاشرة والحادية عشرة ، وقد صرح بذلك المؤلف بقوله : «الطبقة العاشرة والحادية عشرة مختلطتان لم أفصلهما» (١) ، ولكن كل من تقدم فيما يظهر لي أنهم لم يطلعوا على تصريح المؤلف هذا ، أو اكتفوا بقراءة العنوان على غلاف النسختين ، وما على الظاهرية من السماعات.
أما النسخة الثانية : فهي نسخة الآصفية من الهند ، وهي نسخة كاملة أيضا ، وتقع في ١٥٩ ورقة ، وقد رقّمت صفحاتها ، فبلغت ٣١٨ صفحة ، وفي كل صفحة ٢٢ سطرا ، وفي كل سطر بين ١٤ أو ١٥ كلمة ، ومقاسها ٥ ، ٢٧* ٢٥ سم ، ورسم خطها فارسي ، والناسخ خطاط جيد ، ولكنه يبدو أنه لا صلة له بالعلم ، حيث حرّف وصحّف معظم النصوص ، ولا تخلو صفحة من أغلاط وتحريفات صريحة ، وقد بين في آخر الجزء الأول سبب ذلك ، فقال : «انتهى هذا الجزء من نسخة قديمة ، فمن رأى خللا فليحرره ، ويعذر الناسخ ، لكون النسخة مهملة قديمة الكتابة ، كما هي عليها أكثر الخطوط الصعبة» (٢).
وأثبت بالمقارنة أن هذه النسخة فرع عن النسخة الظاهرية ، فهي توافقها موافقة تامة إلا ما يقع فيه الناسخ عادة من تحريف لبعض الكلمات ، وسببها ضعفه ، أو عدم وضوحها بالأصل ، فلذا لم أعتمد عليها كثيرا في تصحيح النصوص ، وإنما اعتمدت على «أخبار أصبهان» لأبي نعيم ، «والحلية» في ترجيح تصحيح النصوص وبيان الفروق ، ومن مظان تخريج النصوص أيضا.
وقد أهمل الناسخ نقل السماعات في هذه النسخة ، مع أنها موجودة ومثبتة في نسخة الظاهرية ، وقد وضع الشيخ أبو الوفا الأفغاني لهذه النسخة فهرسا
__________________
(١) انظر «طبقات المحدثين» للمؤلف ٢٠١ / ٣.
(٢) انظر «طبقات المحدثين» للمؤلف ٩٣ / ١.