يقول ياقوت الحموي : «خرج من أصبهان من العلماء والأئمة في كل فنّ ما لم يخرج من مدينة من المدن ، وعلى الخصوص علو الإسناد ، فإن أعمار أهلها تطول ، ولهم مع ذلك عناية وافرة بسماع الحديث ، وبها من الحفاظ خلق لا يحصون ، ولها عدة تواريخ .. ومن نسب إلى أصبهان من العلماء لا يحصون» (١).
قال القزويني : «أما أرباب العلوم كالفقهاء والأدباء والمنجمين والأطباء ، فأكثر من أهل كل مدينة ، سيّما فحول الشعراء وأصحاب الدواوين فاقوا غيرهم بلطافة الكلام وحسن المعاني وعجيب التشبيه وبديع الاقتراح» (٢).
بلغ نشاط العلماء بأصبهان إلى حد يتفاخر به أهلها وينكر وجود العلماء في غيرها.
ولنستمع إلى أبي عبد الله المقرىء محمد بن عيسى (ت ٢٤١ ه) هو أصله من أصبهان ونشأ في الريّ ، ومع ذلك يخاطب أهل الري فيقول : «يا أهل الري من الذي أفلح منكم؟.
إن كان ابن الأصبهاني فمنّا ، وإن كان إبراهيم بن موسى فمنّا ، وإن كان جرير فمنّا ، وإن كان الخط فجدي علمكم ، ما أفلح منكم إلا رجل واحد ، ولن أقول لكم حتى تموتوا كمدا» (٣).
نشاط التحديث في قرى أصفهان
لا شكّ أن الحركة العلمية في أصبهان أثرت على المدن والقرى المجاورة التابعة لها ، حيث لم تجد قرية من قرى أصبهان في القرن الثالث وما بعدها إلا
__________________
(١) انظر «معجم البلدان» ١ / ٢٠٩ ، ٢١٠.
(٢) انظر «آثار البلاد وأخبار العباد» ص ٢٩٧ ، وعد أسماء عدد من أصحاب الدواوين ، ثم قال :فهؤلاء أصحاب الدواوين الكبار لا نظير لهم في غير أصبهان.
(٣) انظر «طبقات المحدثين» ١٠٥ / ٢ لأبي الشيخ ابن حيان.