بل كان بعض التابعين يتمنى أن يكون من أهل أصفهان ، فهذا سعيد ابن المسيب التابعي الجليل يقول : «لو لم أكن رجلا من قريش لأحببت أن أكون من أهل فارس أو أصبهان» وفي رواية أخرى لأبي نعيم يقول : «لو تمنيت أن أكون من أهل بلد لتمنيت أن أكون من أهل أصبهان» (١).
ما ورد من الفضل لأهل هذه البلاد
فكيف لا يتمنى هو ولا يقبل أهل أصفهان على الدين والعلوم الإسلامية ، وقد صح عن الرسول ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فيما رواه عنه أبو هريرة رضياللهعنه أنه قال : «لو كان الدين عند الثريا لذهب به رجل من فارس ، أو قال : من أبناء فارس».
وفي رواية ثانية قال أبو هريرة : «كنا جلوسا عند النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ إذ نزلت عليه سورة الجمعة ، فلما قرأ : (وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ)(٢). قال رجل : من هؤلاء يا رسول الله؟ فلم يراجعه النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ حتى سأله مرة أو مرتين أو ثلاثا قال : وفينا سلمان الفارسي ـ رضياللهعنه ـ قال : فوضع النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ يده على سلمان ، ثم قال : «لو كان الإيمان بالثّريا لناله رجال من هؤلاء» (٣) هذا لفظ مسلم. ولفظ الترمذي : «والذي نفسي بيده ، لو كان الإيمان بالثريا ، لتناوله رجال من هؤلاء» (٤).
وفي رواية لأحمد بلفظ : «لو كان العلم بالثريا لتناوله أناس من أبناء فارس» (٥).
__________________
(١) انظر مقدمة «الطبقات» لأبي الشيخ ص ٣ «وأخبار أصفهان» ١ / ٣٩ ، وإسناده حسن.
(٢) سورة الجمعة الآية : ٣.
(٣) انظر «صحيح مسلم» ١٦ / ١٠٠ ـ ١٠١ مع «شرح النووي».
(٤) انظر «سنن الترمذي» ٥ / ٦٠ ، ٨٦ ، ٣٨٢ ، وقد حسنه في موضع ، وضعفه في موضع آخر ، ورواية الترمذي وأحمد ـ مع ضعف أسانيدهما ـ تتقوى بمجموع الطرق وتتأيد برواية مسلم.
(٥) وانظر «مسند أحمد» ٢ / ٣٩٧ ، ٣٠٩ ، ٤٢٠ ، ٤٢٢ ، ٤٦٩ ، وفي سنده شهر بن حوشب ، وهو صدوق كثير الأوهام ، ويحسن بمجموع الطرق كما قلت سابقا.