الأصبهاني على المأمون ، أمير المؤمنين (١) ، فقال : يا أيوب صف لي أصبهان وأوجز ، فقال : يا أمير المؤمنين : هواؤها طيب ، وماؤها عذب ، وحشيشها الزعفران ، وجبالها العسل ، غير أنها لا تخلو (٢) من خلال أربع : جور سلطان (٣) ، وغلاء السعر (٤) ، وقلة المطر (٥) ، وفقد مياه ، فأطرق المأمون ساعة وبيده قضيب ينكت (٦) به الأرض ، فرفع رأسه ، فقال : يا أيوب : لعل قراءها منافقون ثنّاءها (٧) شربة خمور ، وتجارها مربون ، وفي أطرافها لا يصلون (٨).
ذكر الأشياء التي خصت بها أصبهان (٩) :
ذكروا أن بوادي أصبهان زرنروذ (١٠) مفيض ، يسمى هنام ، ليس في الأرض
__________________
(١) هو عبد الله المأمون بن هارون الرشيد ، بويع سنة ١٩٨ ، وقيل قبله في ١٩٦ ه. بايع عامة أهل البلد ، وتولى الخلافة ٢٢ سنة ، وتوفي في رجب سنة ٢١٨ ه ، وله ثمان وأربعون سنة وبضعة أشهر. انظر «تاريخ بغداد» ١٠ / ١٨٣ ، «وتاريخ اليعقوبي» ٢ / ٤٧٠.
(٢) أثبتت الألف في الأصل ، والصواب بدونها ، وكذا عند أبي نعيم في «أخبار أصبهان» ١ / ٣٨.
(٣) في «أخبار أصبهان» ١ / ٣٨ : (السلطان).
(٤) في المصدر السابق : وغلاء الاسعار.
(٥) في المصدر السابق : الأمطار.
(٦) في المصدر السابق : بزيادة (في).
(٧) تنّاؤها : أي مقيموها ، يقال : تنأ فهو تانىء ، إذا أقام في البلد وغيره ، ومنه حديث (ليس للتانئة شيء) انظر «النهاية» ١ / ١٩٨ ، لابن الأثير ، «ولسان العرب» ١ / ٤٠. لابن منظور الأفريقي.
(٨) كذا هو عند أبي نعيم بطريق المؤلف ، ولكن وهم فيه عبد الله بن عمر المذكر ، أو بعض المحدثين الذين رواه عنهم الدقاق في هذا الخبر ، وذلك لأن أيوب بن زياد الذي كان عاملا على أصبهان ، إنما كان واليا على أصبهان من قبل أبي جعفر المنصور سنة ١٥١ ه كما تقدم قريبا ، ولم يدرك خلافة المأمون على أن في السند من لم يسمّ ، وقد نبه عليه أبو نعيم في «أخبار أصبهان» ١ / ٣٨.
(٩) في أ ـ ه (هيام) ، والصواب ما أثبته كما في الأصل ، و «أخبار أصبهان» ١ / ٣٠.
(١٠) بفتح أوله وثانيه ، ونون ساكنة ، ثم راء مهملة ، وآخره ذال المعجمة ، قلت : ويسمى الآن زائنده رود ، وهكذا ينطقونها أهل البلد ـ وهو اسم لنهر أصبهان الموصوف بعذوبة الماء والصحة ولطافته ، مخرجه من قرية يقال لها : بناكان ، انظر «معجم البلدان» ٣ / ١٣٩ لياقوت ، و «آثار البلاد» ص ٢٩٩ للقزويني.