ووجد في كتاب الأوائل ، قال : فانتفضوا بلاد المملكة وبقاعها ، فلم يجدوا تحت أديم السماء بلدا أجمع لما طلبوا من الفنون التي يختارونها من الأشياء من بقاع الأرض وبلدان الإقليم ، أصحها تربة ، وأقلها عفونة وأبعدها من الزلازل والخسوف ، وأعلكها طينا ، وأبقاها على الدهر بناء ، فلم يجدوا تحت أديم السماء بلدا أجمع لهذه الأوصاف من أصبهان ، ثم فتشوا عن بقاع هذا البلد ، فلم يجدوا فيها أفضل من رستاق (١) جي (٢) ، ولا وجدوا في رستاق جي أجمع لما راموه من مدينة جيّ (٣).
أخبرنا أبو خليفة (٤) ، قال : حدثنا أبو الوليد (٤) ، ثنا عبد العزيز بن أبي سلمة ، عن أسامة بن زيد ، عن سعيد بن المسيب ـ رحمهالله ـ قال :
لو لم أكن رجلا من قريش ، لأحببت أن أكون من أهل فارس ، أو من أصبهان (٥). سمعت عبد الله بن عمر المذكر (٦) قال : سمعت أبا العباس الدقاق (٧) قال : سمعت بعض المحدثين يقول : دخل أيوب (٨) بن زياد
__________________
(١) يجمع على رساتيق. فارسي معرب ، أصله (رسته) ، ويعني السطر من النخيل ، والصف من الناس ، ويقال : رزداق ورسداق : وتعني ، القرية أو السواد ، أو البيوت المجتمعة. انظر «لسان العرب» ١٠ / ١١٦.
(٢) جي بالفتح ثم التشديد : وهي كانت محلة أصبهان القديمة بإيران ، وهي بلد سلمان الفارسي ، وسيأتي بعض الكلام هناك إن شاء الله. انظر «معجم البلدان» ٢ / ٢٠٢.
(٣) كذا في «أخبار أصبهان» ١ / ٣٧ و ٣٩.
(٤) أبو خليفة : هو الفضل بن الحباب الجمحي ، وأبو الوليد : هو الطيالسي هشام بن عبد الملك الباهلي ، كلاهما ثقتان ، تأخر الاول إلى ٣٠٥ ه ، والثاني توفي سنة ٢٢٧ ه ، وله ٩٤ سنة.
انظر «الميزان» ٣ / ٣٥٠ ، «والتهذيب» ١١ / ٤٥.
(٤) أبو خليفة : هو الفضل بن الحباب الجمحي ، وأبو الوليد : هو الطيالسي هشام بن عبد الملك الباهلي ، كلاهما ثقتان ، تأخر الاول إلى ٣٠٥ ه ، والثاني توفي سنة ٢٢٧ ه ، وله ٩٤ سنة.
انظر «الميزان» ٣ / ٣٥٠ ، «والتهذيب» ١١ / ٤٥.
(٥) كذا في «أخبار أصبهان» ١ / ٣٧ و ٣٩ ، من طريق أبي الشيخ وأبي معشر وغيره ، وسنده جيد.
(٦) بضم الميم وفتح الذال وكسر الكاف المشددة ، يقال هذا للواعظ الذي يذكر الناس. انظر «اللباب» ٣ / ١٨٧ ، «ولب اللباب» للأسيوطي ١ / ٢٤٠.
(٧) الدقاق : بفتح الدال المهملة ، وتشديد القاف ، وبعدها ألف ، ثم قاف أخرى ، نسبة إلى الدقيق وعمله ، واشتهر بهذه النسبة جماعة. انظر «اللباب» ١ / ٥٠٤.
(٨) وكان واليا على أصبهان من قبل أبي جعفر المنصور سنة ١٥١ ه ، وهو الذي بنى المسجد والسوق ، ويعرف المسجد بمسجد أيوب بن زياد انظر «أخبار أصبهان» ١ / ٣٨.