الأنباري وكان ابن عم لكاتبه (١) ، فكتب في بعض أوقات مقامه بأصبهان إلى الحجاج كتابا وصف فيه اختلال حال أصبهان ، ويسأله ... نظرا لهم (٢) ببعض خراجهم. فكتب إليه الحجاج : «بسم الله الرحمن الرحيم ، أما بعد : فإنّي استعملتك يا وهزاذ على أصبهان ، أوسع المملكة رقعة (٣) وعملا ، وأكثرها خراجا بعد فارس (٤) والأهواز ، وأزكاها أرضا ، حشيشها الزعفران والورد (٥) ، وجبالها الإثمد والفضة ، وأشجارها الجوز واللوز والكروم الكريمة والفواكه العذبة ، طيرها عوامل العسل ، وماؤها فرات ، وخيلها الماذيانات الجياد ، أنظف بلاد الله طعاما ، وألطفها شرابا ، وأصحّها ترابا ، وأوفقها هواء وأرخصها لحما ، وأطوعها أهلا ، وأكثرها صيدا. فأنخت يا وهزاذ عليها بكلكل (٦) اضطر أهلها إلى مسألتك ما سألت لهم لتفوز بما يوضع عنهم ، فإن كان ذلك باطلا ـ ولا أبعدك عن ظن السوء ـ فسترد فتعلم ، وإن صدقت في بعضه ، فقد أخربت البلد. أتظن يا وهزاذ أنا ننفذ لك ما موهت وسحرت من القول ، وقعدت تشير علينا (٧) به. فعض يا وهزاذ ، على (غرلة) (٨) أير أبيك ، ومص بظر أمك ، فأيم الله ، لتبعثن إليّ بخراج أصبهان كله ، أو لأجعلنك طوابيق على أبواب مدينتها. فاختر لنفسك أوفق الأمرين لها ، أو ذر (والسلام) (٩)(١٠).
__________________
(١) هو زاذان فروخ المجوسي ، كذا في «أخبار أصبهان» ١ / ٣٧.
(٢) كذا في الأصل ، وفي «أخبار أصبهان» ١ / ٣٧ وفي ن ـ أ ـ ه تغيرا.
(٣) في الأصل (وقعة) والتصحيح من المصدر السابق.
(٤) سيأتي بيانهما فيما بعد إن شاء الله تعالى ، وتقدم في مقدمتي في الباب الأول مقدار خراج أصفهان. راجعه إن شئت.
(٥) في ن ـ أ ـ ه : الأترج بدل الورد.
(٦) الكلكل : الصدر من كل شيء ، وقيل : هو ما بين الترقوتين.
راجع «لسان العرب» ١١ / ٥٩٦.
(٧) كذا في الأصل ، وفي «أخبار أصبهان» ١ / ٣٧ وفي أ ـ ه : عليها بدل علينا ، والصواب ما أثبتّه.
(٨) الزيادة بين الحاجزين من المصدر السابق ، ومن أ ـ ه.
(٩) هكذا عند أبي نعيم «أخبار أصبهان» ١ / ٣٧.
(١٠) ذكره أبو نعيم بقوله : روى صاحب كتاب «أصبهان» : وحدثينه أبو محمد بن حيان ، ولم يذكر إسناده عن بعض أهل السير. راجع ١ / ٣٦ ـ ٣٧.