مفيض أعجب منه.
وذلك أن الأودية الكبار مصبها إلى البحار ، ووادي زرنروذ ينصب في هذا المفيض ، وهو ثمانية عشر فرسخا في فرسخين ، لا يرتفع الماء في حافاته عن المقدار المعهود ، ولا ينقص ، أسرف المدّ أم قصد ، ويفرخ فيه طير الماء ، فأما غير الطير فلا يقدر أن يقربه ؛ لأنه يغوص فيه حتى لا يرى منه شيء ، وبين يدي هذا المفيض ميدان ممتد إلى كرمان (١) ، كسطر (٢) ممدود لا يزيد عرضه على عرض الميدان ، ينبت (٣) القلام (٤) والطّرفاء ، في جانب منه جبل من طين ممدود ، فزيادة مياه كرمان في أيام الربيع يكون من وادي زرنروذ ، وبقرية (٥) دزيه (٦) من رستاق رويدشت (٧) رمال كأنها جبال لا تتحرك أصلا ، ولو دام هبوب الرياح العاصفة عليها أياما ، ولا يدخل الزروع منها شيء ، وبقاشان (٨) في شق دارم قرية يقال لها : هذا سكان من آبرون ، على نصف فرسخ ، فيها حصن ،
__________________
(١) كرمان : بفتح أوله وسكون ثانيه كما ذكر ياقوت ، وقال : وربما كسرت ، والفتح أشهر بالصحة.
قلت : أهل البلد ينطقونها بكسر أوله وهو المعروف الآن ، وهي مدينة كبيرة مشهورة في جنوب إيران ، تبعد عن العاصمة تهران ١١١٧ كم. شرقها مكران ، وغربها فارس ، وشمالها خراسان ، تنسب إلى كرمان بن فارس بن طهمورث. انظر «معجم البلدان» ٤ / ٤٥٤ ، «وآثار البلاد» ص ٢٤٧.
(٢) في «أخبار أصبهان» ١ / ٣٠ : (كخط).
(٣) في المصدر السابق : لا يزيد نباته الطرفاء والقلام.
(٤) القلام : بالتشديد ، ضرب من الحمض ، يذكر ويؤنث ، وقيل : هي القاقلي ، والطرفاء : من الحمض ، والحمض كل نبات مالح أو حامض تقوم على سوق ولا أصل له. انظر «لسان العرب» ٩ / ٢٢٠ و ٧ / ١٣٨ و ١٢ / ٤٩١.
(٥) في أ ـ ه : (تفرد ربه) ، وهو خطأ ، والصواب ما أثبته كما في الأصل والمصدر السابق.
(٦) دزيه : اسم قرية برستاق رويدشت بأصبهان كما ذكر أبو نعيم في «أخبار أصبهان» ١ / ٣١.
(٧) رويدشت : بضم أوله وفتح ثانيه ، ثم ياء مثناة ، قلت : هي رود دشت ، يعني وادي الفلاة ، قرية من قرى أصبهان ، وتغير هذا الاسم.
انظر «نصف جهان في تعريف أصبهان» ص ٢١ ، و «معجم البلدان» ٣ / ١٠٥.
(٨) قاشان ـ بالشين المعجمة وآخره نون. قلت : هي مدينة كبيرة في شمال أصبهان تبعد ثلاث مراحل. ينطق بالكاف (كاشان) عند أهل البلد ومعروف به ، انظر «معجم البلدان» ٤ / ٢٩٦ ، و «كتاب أصفهان» ص ٨ للدكتور لطف الله.