عليها خندق (١) ، ويطيف بهذا الخندق رمال كالجبال سائلة تنتقل حوالي الخندق من بقعة إلى بقعة ، ولا يدخل الخندق منها شيء ولا حبة واحدة ، فإن ذهب إنسان فأخذ من هذا الرمل قبضة ، فرمى بها في هذا الخندق ، هبت من وقتها ريح فرفعت ذلك الرمل في الهواء إلى فوق ، حتى تكسح (٢) أرض الخندق منه ، وعلى هذه القرية صحراء يقال له : (فأس) (٣) ، مسافتها فرسخ في فرسخ ، هي بين هذه الرمال ، ومزدرع (٤) هذه القرية فيها سبيل هذا الصحراء في نتو (٥) الرمل (و) فيها سبيل الخندق ، وفي هذا الصحراء أعجوبة أخرى ، وهي أن مواشي هذه القرية تخرج إليها للرعي ، فتختلط السباع بها مقبلة من البر ، ولا تتعرض لشيء منها ، ويدعي أهل هذه القرية ـ ويشهد لهم بصدق دعواهم أهل القرى المجاورة لهم ـ أن ديكا في قريتهم استوحش منذ سنيات ، فعدل إلى هذا الصحراء فبقي بها أربع سنين لا يتعرض له ثعلب ولا غيره ، فيدّعي أهل هذه القرية أنها مطلسمة (٦) وبقاشان (٧) من جانب أردها (٨) على عشرة (٩) فراسخ من آبرون ، قرية يقال لها : قالهر (١٠) ، وفيها جبل جانب منه عين يرشح الماء رشحا
__________________
(١) عند أبي نعيم في المصدر السابق : (يحوط).
(٢) الكسح : الكنس : كسح البيت ، كنسه ، انظر «لسان العرب» ٢ / ٥٧١.
(٣) في أ ـ ه (أفاس) : بالهمزة ، والصحيح بدونها كما في الأصل ، وفي «أخبار أصبهان» ص ٣١.
(٤) في أ ـ ه : (من درع) بدل مزدرع.
(٥) في ن ـ أ ـ ه : متو بدل نتو ، وما في الأصل هو المناسب ، لأن معنى النتو الورم ، فالرمل على ظهر الأرض كالورم في العضو ، وأما المتو : فمعناه : المطو : وهي الجد والنجاء في السير ، وكذلك يأتي بمعنى مدّ ، يقال : متوت في ارض ، أي : مطوت. انظر «لسان العرب» ١٥ / ٣٠٣ ، ٢٧١ ، ٢٨٤.
(٦) الطلسم : هي الرموز التي يستعملها السحرة ، ويقال : طلسم الرجل ، أي كره وجهه وقطبه ، انظر «لسان العرب» ١٢ / ٣٦٩ وفرهنك فارسي كاوه.
(٧) قاشان : تقدم تحديده قريبا.
(٨) في ن ـ أ ـ ه : أزركان ، والصواب ما في الأصل ، وهكذا ذكره أبو نعيم في «أخبار أصبهان» ١ / ٣١. قلت : تغير هذا الاسم الآن.
(٩) في الأصل : بدون الهاء المربوطة ، وما أثبتّه بين الحاجزين من أ ـ ه ، ومن «أخبار أصبهان» ١ / ٣١.
(١٠) في أ ـ ه : قالهم ، والصواب ما في الأصل كما أثبتّه ، وكذا في المصدر السابق لأبي نعيم. لم تبق بهذا الاسم الآن.