كرشح الأبدان للعرق ، من غير أن يسيل ذلك الندى أو يسقط إلى القرار ، فإذا كان ماه (١) تير روز تير منه من كل سنة ، اجتمع هناك أهل الرستاق وسائر الرساتيق المصافية (٢) له ، ومع كل انسان آنية ، فيدنو الواحد بعد الواحد من ذلك الجبل الندي ، ويقرعه بفهر (٣) في يده ، ويقول بالفارسية كلاما معناه (٤) : بيدخت (٥) أسقني من مائك ، فإني أريده لكذا وكذا ، ويذكر في خطابه العلة التي يريد مداواتها ، فيجتمع ذلك الرشح من تلك الأماكن المتفرقة إلى مكان واحد ، فيسيل قطرا في آنية (٦) المستشفى ، وكذلك من إلى جنبه ومن هو بالبعد منه ، فتمتليء تلك الأواني فيستشفون بذلك الماء طول سنتهم ، فيشفون.
وبقاشان (٧) ثمّ قرية آبرون قناتها التي تسمى أسفذاب. منها شرب أهل آبرون ، وصحاريها والقرى التي حولها ومفيضها بقرية فين (٨).
__________________
(١) هذه جملة فارسية ، ماه بمعنى الشهر ، وتير اسم للشهر الرابع ، وروز : هو اليوم ، فمعناه : إذا كان يوم تير من شهر تير ... اجتمع هناك.
(٢) في أ ـ ه : صافية.
(٣) الفهر : الحجر ملء الكف ، وقيل : الحجر مطلقا ، انظر «النهاية» ٣ / ٤٨١ لابن الأثير.
(٤) بين الحاجزين من أ ـ ه : والمصدر السابق لأبي نعيم.
(٥) بيدخت ، معناه بالفارسية : من لا بنت له ، وأيضا اسم للكوكب المعروف (بزهرة) ، والمراد هنا المكان الذي يجتمع فيه الماء ، ولم تزل قرية بهذا الاسم حتى الآن في إيران ، وانظر «فرهنك فارسي كاوه» ص ٧٠.
(٦) عند أبي نعيم في «ذكر أخبار أصبهان» ١ / ٣١ المستسقى ، وما أثبته هو المناسب بدليل آخر القصة. والله أعلم.
(٧) في أ ـ ه : بالشين المعجمة ، وهكذا ينطق الآن ، وعند أبي نعيم في «أخبار أصبهان» بالسين المهملة ١ / ٣١ ، والصحيح أنه بالشين كما ذكر ياقوت الحموي في «معجم البلدان» ٤ / ٢٩٦ ، أن «قاشان» : بالشين المعجمة ، وآخره نون ، مدينة قرب أصبهان.
(٨) في أ ـ ه : قين بالقاف ، والصواب ما أثبته كما في الأصل ، وفي «أخبار أصبهان» ١ / ٣١ ، وهكذا ذكره الحموي في «معجم البلدان» ٤ / ٢٨٦ ، فقال : فين بالكسر وآخره نون ، من قرى قاشان قلت : تقع في غرب قاشان ، قريب منها جدا ، وهي من نواحي أصفهان ، تقع في شمالها ، وما زالت حتى الآن بهذا الاسم.
انظر كتاب «أصفهان» / ٨ د. لطف الله.