وكان يعلم أنه من تصنيف الرضا ( عليه السلام ) لما كان يخفيه عن ولده الصدوق ـ الناقد البصير ـ ولكان يطلعه عليه.
ولو اطلع عليه الصدوق ـ رحمه الله ـ وهو الذي اعتني بجمع أخبار الرضا ( عليه السلام ) في كتابه المعروف ـ عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) ـ الذي أدرج فيه عدة مما نص أصحاب الفهارس على أنه كتاب أو رسالة ، لنقله في هذا الكتاب الجامع للمأثور عن الرضا ( عليه السلام ).
والقول بأن طول الكتاب منعه من نقله ، مردود بنقله الكتب والرسائل ـ كما مر ـ وبأنه ـ على الاقل ـ كان ينبه على وجوده ، ويكتفي ببعض أوصافه ، أو يذكر شواهد منه ١.
ثم لو كان من الكتب المعروفة الموثوقة عنده لجاءتنا منه أثارة في كتابه من لا يحضره الفقيه الذي هو أحد الكتب الأربعة الجامعة ، والذي جعله حجة بينه وبين الله تعالى.
وقال صاحب الفصول : ومما يبعد كونه تأليفه ( عليه السلام ) عدم إشارة أحد من علمائنا السلف إليه في شيء من المصنفات التي بلغت إلينا ، مع ما يرى من خوضهم في جميع الأخبار ، وتوغلهم في ضبط الآثار المروية عن الأئمة الأطهار ( عليهم السلام ) ، بل العادة قاضية بأنه لو ثبت عندهم هذا الكتاب ، لاشتهر بينهم غاية الإشتهار ، ولرجحوا العمل به على العمل بسائر الأصول والأخبار ٢.
فلو كان هذا الكتاب من رشحات عيون إفادات هذا المولى ، لكان يطلع عليه جملة من قدماء فقهاء الشيعة ، وما كان يبقي في زاوية الخمول في مدة تقارب من ألف سنة.
فالذين بذلوا جهدهم في حفظ ما صدر منهم من الأحكام ، كجملة من أكابر محدثي فقهائنا الذين أدركوا عصره ، أو كانوا قريباً من عصره ( عليه السلام ) كالفضل بن شاذان ، ويونس بن عبدالرحمن ، وأحمد بن محمد بن عيسى ، وأحمد بن أبي عبدالله البرقي ، وإبراهيم بن هاشم ، ومحمد بن أحمد بن يحيى صاحب نوادر الحكمة ، وسعد بن عبدالله ،
__________________
١ ـ الفصول : ٣١٢.
٢ ـ الفصول : ٣١٢ ، والمستدرك ٣ : ٣٤٦.