يروي الكتاب إلاّ حديثاً واحداً في باب الشهادة ، وإلاّ كيف يخفى على المفيد اشتماله على ما لا تقول به الطائفة ، مثل تحديد الكر بالذي ذكره ، وجواز الصلاة بجلد الميتة المدبوغ ، والتخيير في الوضوء بين مسح الرجل وغسلها ، وخروج المعوذتين من القرآن ، ونحو ذلك.
بل مراد المفيد أنه ليس فيه إلاّ مروي غير حديث الشهادة فإنه موضوع ، وكأن الشيخ المفيد لم يطلع على حديث روح بن أبي القاسم بن روح ، المتقدم عن أبيه ( رضي الله عنه ) نقله ، من استثنائه موضعين أو ثلاثة منه ، وأنه كذب فيها على الأئمة لعنه الله ١.
ومنها : أن جماعة من متقدمي الأصحاب حكوا عن الشلمغاني في تحديد الكر ( أنه مالا يتحرك جنباه بطرح حجر في وسطه ) وأنه خلاف الإجماع ٢.
ويعلم من هذا الإجماع أنه من مختصات كتاب التكليف ، وأنه لم يذهب إليه أحد منا ، وهو موجود في هذا الكتاب المشتهر بالرضوي بعينه.
قال : والعلامة في ذلك ـ أي الكر ـ أن تأخذ الحجر فترمي به في وسطه ، فإن بلغت أمواجه من الحجر جنبي الغدير فهو دون الكر ، وإن لم تبلغ فهو الكر ٣.
قال الشيخ في الغيبة : سمعت روح بن أبي القاسم بن روح يقول : لما عمل محمد بن علي الشلمغاني كتاب التكليف ، قال الشيخ ـ يعني أبا القاسم رضي الله عنه ـ : اطلبوه لي لأنظره ، فجاؤوه به فقرأه من أوله إلى آخره ، فقال : ما فيه شيء إلاّ وقد روي عن الأئمة ( عليهم السلام ) إلاّ موضعين أوثلاثة ، فإنه كذب عليهم في روايتها لعنه الله ٤.
ولعل الموضع الثالث ـ على حد ما ذكر في كتاب فصل القضاء ـ الذي استثناه مولانا أبوالقاسم الحسين بن روح ـ نضر الله وجهه ـ في كتاب التكليف ، ونص أنه لم يرد عن الأئمة ، وإنما هو من الشلمغاني نفسه ، ما يوجد في هذا الكتاب ( الفقه المنسوب ) من قوله ٥ : وإن غسلت قدميك ونسيت المسح عليهما فان ذلك يجزيك ، لأنك قد أتيت
__________________
١ ـ فصل القضاء : ٤٣٨.
٢ ـ انظر الذكرى : ٩ ، مفتاح الكرامة ١ : ٧٠ ، رسالة الخوانساري : ٢٢ ، مستدرك الوسائل ١ : ٢٧.
٣ ـ الفقه المنسوب : ٩١.
٤ ـ الغيبة : ٢٥١ ـ ٢٥٢.
٥ ـ الفقه المنسوب : ٧٩.