زيد : بسبب الفعلة الطاغية التي فعلوها. وقال ابن عباس وابن زيد أيضا وأبو عبيدة ما معناه : الطاغية مصدر كالعاقبة ، فكأنه قال : بطغيانهم ، ويدل عليه (كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْواها) (١). وقيل : الطاغية : عاقر الناقة ، والهاء فيه للمبالغة ، كرجل راوية ، وأهلكوا كلهم لرضاهم بفعله. وقيل : بسبب الفئة الطاغية. واختار الطبري وغيره أن الطاغية هي الصيحة ، وترجيح ذلك مقابله سبب الهلاك في ثمود بسبب الهلاك في عاد ، وهو قوله : (بِرِيحٍ صَرْصَرٍ) ، وتقدّم القول في (صَرْصَرٍ) في سورة القمر ، (عاتِيَةٍ) : عتت على خزانها فخرجت بغير مقدار ، أو على عاد فما قدروا على أن يتستروا منها ، أو وصفت بذلك استعارة لشدّة عصفها ، والتسخير هو استعمال الشيء باقتدار عليه. فمعنى (سَخَّرَها عَلَيْهِمْ) : أي أقامها وأدامها ، (سَبْعَ لَيالٍ) : بدت عليهم صبح الأربعاء لثمان بقين من شوّال إلى آخر الأربعاء تمام الشهر ، (حُسُوماً) ، قال ابن عباس وعكرمة ومجاهد وقتادة وأبو عبيدة : تباعا لم يتخللها انقطاع. وقال الخليل : شؤما ونحسا. وقال ابن زيد : (حُسُوماً) جمع حاسم ، أي تلك الأيام قطعتهم بالإهلاك ، ومنه حسم العلل والحسام. وقال الزمخشري : وإن كان مصدرا ، فإما أن ينتصب بفعل مضمر ، أي تحسم حسوما بمعنى تستأصل استئصالا ، أو تكون صفة ، كقولك : ذات حسوم ، أن تكون مفعولا له ، أي سخرها عليهم للاستئصال. وقرأ السدّي : حسوما بالفتح : حالا من الريح ، أي سخرها عليهم مستأصلة. وقيل : هي أيام العجز ، وهي آخر الشتاء. وأسماؤها : الصين والصنبر والوبر والآمر والمؤتمر والمعلل ومصفى الجمر. وقيل : مكفى الطعن.
(فَتَرَى الْقَوْمَ فِيها) : أي في الليالي والأيام ، أو في ديارهم ، أو في مهاب الريح ؛ احتمالات أظهرها الأول لأنه أقرب ومصرح به. وقرأ أبو نهيك : أعجز ، على وزن أفعل ، كضبع وأضبع. وحكى الأخفش أنه قرىء : نخيل خاوية خلت أعجازها بلى وفسادا. وقال ابن شجرة : كانت تدخل من أفواههم فتخرج ما في أجوافهم من الحسو من أدبارهم ، فصاروا كالنخل الخاوية. وقال يحيى بن سلام : خلت أبدانهم من أرواحهم. وقال ابن جريج : كانوا في سبعة أيام في عذاب ، ثم في الثامن ماتوا وألقتهم الريح في البحر ، فذلك قوله : (فَهَلْ تَرى لَهُمْ مِنْ باقِيَةٍ). وقال ابن الأنباري : (مِنْ باقِيَةٍ) : أي من باق ، والهاء للمبالغة. وقال أيضا : من فئة باقية. وقيل : (مِنْ باقِيَةٍ) : من بقاء مصدر جاء على فاعلة كالعاقبة. وقرأ أبو رجاء وطلحة والجحدري والحسن بخلاف عنه ؛ وعاصم في رواية أبان ،
__________________
(١) سورة الشمس : ٩١ / ١١.