والنحويان : ومن قبله ، بكسر القاف وفتح الباء : أي أجناده وأهل طاعته ، وتقول : زيد قبلك : أي فيما يليك من المكان. وكثر استعمال قبلك حتى صار بمنزلة عندك وفي جهتك وما يليك بأي وجه ولى. وقرأ باقي السبعة وأبو جعفر وشيبة والسلمي : (وَمَنْ قَبْلَهُ) ، ظرف زمان : أي الأمم الكافرة التي كانت قبله ، كقوم نوح ، وقد أشار إلى شيء من حديثه بعد هذا. (وَالْمُؤْتَفِكاتُ) : قرى قوم لوط. وقرأ الحسن هنا : والمؤتفكة على الإفراد ، (بِالْخاطِئَةِ) : أي بالفعلة أو الفعلات الخاطئة ، قاله مجاهد ؛ أو بالخطأ ، فيكون مصدرا جاء على فاعلة كالعاقبة ، قاله الجرجاني.
(فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ) : رسول جنس ، وهو من جاءهم من عند الله تعالى ، كموسى ولوط عليهماالسلام. وقيل : لوط عليهالسلام ، أعاده على أقرب مذكور ، وهو رسول المؤتفكات. وقال الكلبي : موسى عليهالسلام ، أعاده على الأسبق وهو رسول فرعون. وقيل : رسول بمعنى رسالة ، (رابِيَةً) : أي نامية. قال مجاهد : شديدة ، يريد أنها زادت على غيرها من الأخذات ، وهي الغرق وقلب المدائن. (إِنَّا لَمَّا طَغَى الْماءُ) : أي زاد وعلا على أعلى جبل في الدنيا خمس عشرة ذراعا. قال ابن جبير : طغى على الخزان ، كما طغت الريح على خزانها ، (حَمَلْناكُمْ) : أي في أصلاب آبائكم ، (فِي الْجارِيَةِ) : هي سفينة نوح عليهالسلام ، وكثر استعمال الجارية في السفينة ، ومنه قوله تعالى : (وَمِنْ آياتِهِ الْجَوارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ) (١) ، وقال الشاعر :
تسعون جارية في بطن جارية
وقال المهدوي : المعنى في السفن الجارية يعني أن ذلك هو على سبيل الامتنان ، والمحمولون هم المخاطبون. (لِنَجْعَلَها) : أي سفينة نوح عليهالسلام ، (لَكُمْ تَذْكِرَةً) بما جرى لقومه الهالكين وقومه الناجين فيها وعظة. قال قتادة : أدركها أوائل هذه الأمة. وقال ابن جريج : كانت ألواحها على الجودي. وقيل : لنجعل تلك الجملة في سفينة نوح عليهالسلام لكم موعظة تذكرون بها نجاة آبائكم وإغراق مكذبي نوح عليهالسلام ، (وَتَعِيَها) : أي تحفظ قصتها ، (أُذُنٌ) من شأنها أن تعي المواعظ ، يقال : وعيت لما حفظ في النفس ، وأوعيت لما حفظ في غير النفس من الأوعية. وقال قتادة : الواعية هي التي عقلت عن الله وانتفعت بما سمعت من كتاب الله ؛ وفي الحديث ، أنه صلىاللهعليهوسلم قال لعلي : «إني
__________________
(١) سورة الشورى : ٤٢ / ٣٢.