دعوت الله تعالى أن يجعلها أذنك يا علي». قال علي رضي الله تعالى عنه : فما سمعت بعد ذلك شيئا فنسيته ، وقرأها : وتعيها ، بكسر العين وتخفيف الياء العامة ؛ وابن مصرف وأبو عمرو في رواية هارون وخارجة عنه ؛ وقنبل بخلاف عنه : بإسكانها ؛ وحمزة : بإخفاء الحركة ، ووجه الإسكان التشبيه في الفعل بما كان على وزن فعل في الاسم والفعل. نحو : كبد وعلم. وتعي ليس على وزن فعل ، بل هو مضارع وعى ، فصار إلى فعل وأصله حذفت واوه. وروي عن عاصم عصمة وحمزة الأزرق : وتعيها بتشديد الياء ، قيل : وهو خطأ وينبغي أن يتأول على أنه أريد به شدة بيان الياء إحترازا ممن سكنها ، لا إدغام حرف في حرف ، ولا ينبغي أن يجعل ذلك من باب التضعيف في الوقف ، ثم أجرى الوصل مجرى الوقف ، وإن كان قد ذهب إلى ذلك بعضهم. وروي عن حمزة وعن موسى بن عبد الله العنسي : وتعيها بإسكان الياء ، فاحتمل الاستئناف وهو الظاهر ، واحتمل أن يكون مثل قراءة من أوسط ما تطعمون أهاليكم بسكون الياء. وقال الزمخشري : فإن قلت : لم قيل (أُذُنٌ واعِيَةٌ) على التوحيد والتنكير؟ قلت : للإيذان بأن الوعاة فيهم قلة ، ولتوبيخ الناس بقلة من يعي منهم ، وللدلالة على أن الأذن الواحدة إذا وعت وعقلت عن الله تعالى فهي السواد الأعظم عند الله تعالى ، وأن ما سواها لا يبالي بالة وإن ملأوا ما بين الخافقين. انتهى ، وفيه تكثير.
ولما ذكر تعالى ما فعل بمكذبي الرسل من العذاب في الدنيا ، ذكر أمر الآخرة وما يعرض فيها لأهل السعادة وأهل الشقاوة ، وبدأ بإعلام يوم القيامة فقال : (فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ واحِدَةٌ) ، وهذه النفخة نفخة الفزع. قال ابن عباس : وهي النفخة الأولى التي يحصل عنها خراب العالم ، ويؤيد ذلك قوله : (وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ). وقال ابن المسيب ومقاتل : هي النفخة الآخرة ، وعلى هذا لا يكون الدك بعد النفخ ، والواو لا ترتب. وروي ذلك عن ابن عباس أيضا ، ولما كانت مرة أكدت بقوله : (واحِدَةٌ). وقرأ الجمهور : نفخة واحدة ، برفعهما ، ولم تلحق التاء نفخ ، لأن تأنيث النفخة مجازى ووقع الفصل. وقال ابن عطية : لما نعت صح رفعه. انتهى. ولو لم ينعت لصح ، لأن نفخة مصدر محدود ونعته ليس بنعت تخصيص ، إنما هو نعت توكيد. وقرأ أبو السمال : بنصبهما ، أقام الجار والمجرور مقام الفاعل. وقرأ الجمهور : (وَحُمِلَتِ) بتخفيف الميم ؛ وابن أبي عبلة وابن مقسم والأعمش وابن عامر في رواية يحيى : بتشديدها ، فالتخفيف على أن تكون (الْأَرْضُ وَالْجِبالُ) حملتها الريح العاصف أو الملائكة أو القدرة من غير