مفرده تاء التأنيث وأن مفرده سماء ، واسم الجنس يجوز فيه التذكير والتأنيث ، فجاء منفطر على التذكير. وقال أبو عمرو بن العلاء ، وأبو عبيدة والكسائي ، وتبعهم القاضي منذر بن سعيد : مجازها السقف ، فجاء عليه منفطر ، ولم يقل منفطرة. وقال أبو علي أيضا : التقدير ذات انفطار كقولهم : امرأة مرضع ، أي ذات رضاع ، فجرى على طريق التسبب. وقال الزمخشري : أو السماء شيء منفطر ، فجعل منفطر صفة لخبر محذوف مقدر بمذكر وهو شيء ، والانفطار : التصدع والانشقاق ؛ والضمير في به الظاهر أنه يعود على اليوم ، والباء للسبب ، أي بسبب شدة ذلك اليوم ، أو ظرفية ، أي فيه. وقال مجاهد : يعود على الله ، أي بأمره وسلطانه. والظاهر أن الضمير في (وَعْدُهُ) عائد على اليوم ، فهو من إضافة المصدر إلى المفعول ، أي أنه تعالى وعد عباده هذا اليوم ، وهو يوم القيامة ، فلا بد من إنجازه. ويجوز أن يكون عائدا على الله تعالى ، فيكون من إضافة المصدر إلى الفاعل ، وإن لم يجر له ذكر قريب ، لأنه معلوم أن الذي هذه مواعيده هو الله تعالى.
(إِنَّ هذِهِ) : أي السورة ، أو الأنكال وما عطف عليه ، والأخذ الوبيل ، أو آيات القرآن المتضمنة شدة القيامة ، (تَذْكِرَةٌ) : أي موعظة ، (فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً) بالتقرب إليه بالطاعة ، ومفعول شاء محذوف يدل عليه الشرط ، لأن من شرطية ، أي فمن شاء أن يتخذ سبيلا اتخذه إلى ربه ، وليست المشيئة هنا على معنى الإباحة ، بل تتضمن معنى الوعد والوعيد. (إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنى) : تصلي ، كقوله : (قُمِ اللَّيْلَ). لما كان أكثر أحوال الصلاة القيام عبر به عنها ، وهذه الآية نزلت تخفيفا لما كان استمرار استعماله من أمر قيام الليل ، إما على الوجوب ، وإما على الندب ، على الخلاف الذي سبق ؛ (أَدْنى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ) : أي زمانا هو أقل من ثلثي الليل ، واستعير الأدنى ، وهو الأقرب للأول ، لأن المسافة بين الشيئين إذا دنت قل ما بينهما من الأحياز ، وإذا بعدت كثر ذلك. وقرأ الجمهور : (مِنْ ثُلُثَيِ) بضم اللام ؛ والحسن وشيبة وأبو حيوة وابن السميفع وهشام وابن مجاهد ، عن قنبل فيما ذكر صاحب الكامل : بإسكانها ، وجاء ذلك عن نافع وابن عامر فيما ذكر صاحب اللوامح. وقرأ العربيان ونافع : ونصفه وثلثه ، بجرهما عطفا على (ثُلُثَيِ اللَّيْلِ) ؛ وباقي السبعة وزيد بن علي : بالنصب عطفا على (أَدْنى) ، لأنه منصوب على الظرف ، أي وقتا أدنى من ثلثي الليل. فقراءة النصب مناسبة للتقسيم الذي في أول السورة ، لأنه إذا قام الليل إلا قليلا صدق عليه (أَدْنى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ) ، لأن الزمان الذي لم يقم فيه يكون الثلث وشيئا من الثلثين ، فيصدق عليه قوله : (إِلَّا قَلِيلاً). وأما