وابن جبير : وحق لها أن تسمع. وقال الضحاك : أطاعت وحق لها أن تطيع. وقال قتادة : وحق لها أن تفعل ذلك ، وهذا الفعل مبني للمفعول ، والفاعل هو الله تعالى ، أي وحق الله تعالى عليها الاستماع. ويقال : فلان محقوق بكذا وحقيق بكذا ، والمعنى : أنه لم يكن في جرم السماء ما يمنع من تأثير القدرة في انشقاقه وتفريق أجزائه وإعدامه. قيل : ويحتمل أن يريد : وحق لها أن تنشق لشدة الهول وخوف الله تعالى. وقال الزمخشري : وهي حقيقة بأن تنقاد ولا تمتنع ، ومعناه : الإيذان بأن القادر الذات يجب أن يتأتى له كل مقدور ويحق ذلك ، انتهى. وفي قوله القادر الذات دسيسة الاعتزال ، وما أولع هذا الرجل بمذهب الاعتزال ، يدسه متى أمكنه في كل ما يتكلم به.
(وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ) ، قال مجاهد : سويت. وقال الضحاك : بسطت باندكاك جبالها ، ومنه الحديث : تمد الأرض مد الأديم العكاظي حتى لا يكون لبشر من الناس إلا موضع قدميه» ، وذلك أن الأديم إذا مدّ زال ما فيه من تئن وانبسط ، فتصير الأرض إذ ذاك كما قال تعالى : (قاعاً صَفْصَفاً ، لا تَرى فِيها عِوَجاً وَلا أَمْتاً) (١). (وَأَلْقَتْ ما فِيها وَتَخَلَّتْ) ، قال ابن جبير والجمهور : ألقت ما في بطنها من الأموات ، وتخلت ممن على ظهرها من الأحياء. وقيل : تخلت مما على ظهرها من جبالها وبحارها. وقال الزجاج : ومن الكنوز ، وضعف هذا بأن ذلك يكون وقت خروج الدجال ، وإنما تلقي يوم القيامة الموتى. (وَتَخَلَّتْ) : أي عن ما كان فيها ، لم تتمسك منهم بشيء. وجاء تخلت : أي تكلفت أقصى جهدها في الخلو. كما تقول : تكرم الكريم : بلغ جهده في الكرم وتكلف فوق ما في طبعه ، ونسبة ذلك إلى الأرض نسبة مجازية ، والله تعالى هو الذي أخرج تلك الأشياء من باطنها. وجواب إذا محذوف ، فإما أن يقدره الذي خرج به في سورة التكوير أو الانفطار ، أو ما يدل عليه : (إِنَّكَ كادِحٌ) ، أي لاقى كل إنسان كدحه. وقال الأخفش والمبرد : هو ملاقيه ، إذا انشقت السماء فأنت ملاقيه. وقيل : (يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ) ، على حذف الفاء تقديره : يا أيها الإنسان. وقيل : (وَأَذِنَتْ) على زيادة الواو ؛ وعن الأخفش : (إِذَا السَّماءُ) مبتدأ ، خبره (وَإِذَا الْأَرْضُ) على زيادة الواو ، والعامل فيها على قول الأكثرين : الجواب إما المحذوف الذي قدروه ، وإما الظاهر الذي قيل إنه جواب. قال ابن عطية : وقال بعض النحويين : العامل انشقت ، وأبى ذلك كثير من أئمتهم ، لأن إذا مضافة إلى انشقت ، ومن يجيز ذلك تضعف عنده الإضافة ويقوى معنى الجزاء ، انتهى. وهذا
__________________
(١) سورة طه : ٢٠ / ١٠٦ ـ ١٠٧.