القول نحن نختاره ، وقد استدللنا على صحته فيما كتبناه ، والتقدير : وقت انشقاق السماء وقت مد الأرض. وقيل : لا جواب لها إذ هي قد نصبت باذكر نصب المفعول به ، فليست شرطا.
(وَأَذِنَتْ لِرَبِّها) : أي في إلقاء ما في بطنها وتخليها. والإنسان : يراد به الجنس ، والتقسيم بعد ذلك يدل عليه. وقال مقاتل : المراد به الأسود بن عبد الأسد بن هلال المخزومي ، جادل أخاه أبا سلمة في أمر البعث ، فقال أبو سلمة : والذي خلقك لتركبن الطبقة ولتوافين العقبة. فقال الأسود فأين : الأرض والسماء وما جال الناس؟ انتهى. وكان مقاتلا يريد أنها نزلت في الأسود ، وهي تعم الجنس. وقيل : المراد أبيّ بن خلف ، كان يكدح في طلب الدنيا وإيذاء الرسول صلىاللهعليهوسلم ولإصرار على الكفر. وأبعد من ذهب إلى أنه الرسول صلىاللهعليهوسلم ، والمعنى : إنك تكدح في إبلاغ رسالات الله تعالى وإرشاد عباده واحتمال الضر من الكفار ، فأبشر فإنك تلقى الله بهذا العمل ، وهو غير ضائع عنده.
(إِنَّكَ كادِحٌ) : أي جاهد في عملك من خير وشر إلى ربك ، أي طول حياتك إلى لقاء ربك ، وهو أجل موتك ، (فَمُلاقِيهِ) : أي جزاء كدحك من ثواب وعقاب. قال ابن عطية : فالفاء على هذا عاطفة جملة الكلام على التي قبلها ، والتقدير : فأنت ملاقيه ، ولا يتعين ما قاله ، بل يصح أن يكون معطوفا على كادح عطف المفردات. وقال الجمهور : الضمير في ملاقيه عائد على ربك ، أي فملاقي جزائه ، فاسم الفاعل معطوف على اسم الفاعل. (حِساباً يَسِيراً) قالت عائشة رضي الله تعالى عنها : يقرر ذنوبه ثم يتجاوز عنه. وقال الحسن : يجازي بالحسنة ويتجاوز عن السيئة. وفي الحديث : «من حوسب عذب» ، فقالت عائشة : ألم يقل الله تعالى (فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً)؟ فقال عليه الصلاة والسلام : «إنما ذلك العرض ، وأما من نوقش الحساب فيهلك».
(وَيَنْقَلِبُ إِلى أَهْلِهِ) : أي إلى من أعد الله له في الجنة من نساء المؤمنات ومن الحور العين ، أو إلى عشيرته المؤمنين ، فيخبرهم بخلاصه وسلامته ، أو إلى المؤمنين ، إذ هم كلهم أهل إيمان. وقرأ زيد بن علي : ويقلب مضارع قلب مبنيا للمفعول.
(وَراءَ ظَهْرِهِ) : روي أن شماله تدخل من صدره حتى تخرج من وراء ظهره ، فيأخذ كتابه بها. قال ابن عطية : وأما من ينفذ عليه الوعيد من عصاتهم ، يعني عصاة المؤمنين ، فإنه يعطى كتابه عند خروجه من النار. وقد جوز قوم أن يعطاه أولا قبل دخوله النار ، وهذه