الحسن. وقال مجاهد : هو أبو الجن ، وليس بإبليس. وقيل : الجان اسم جنس ، والمارج : ما اختلط من أصفر وأحمر وأخضر ، أو اللهب ، أو الخالص ، أو الحمرة في طرف النار ، أو المختلط بسواد ، أو المضطرب بلا دخان ، أقوال ، ومن الأولى لابتداء الغاية ، والثانية في (مِنْ نارٍ) للتبعيض. وقيل للبيان والتكرار في هذه الفواصل : للتأكيد والتنبيه والتحريك ، وهي موجودة في مواضع من القرآن. وذهب قوم منهم ابن قتيبة إلى أن هذا التكرار إنما هو لاختلاف النعم ، فكرر التوقيف في كل واحد منها.
وقرأ الجمهور : (رَبُ) ، و (رَبُ) بالرفع ، أي هو رب ؛ وأبو حيوة وابن أبي عبلة : بالخفض بدلا من ربكما ، وثنى المضاف إليه لأنهما مشرقا الصيف والشتاء ومغرباهما ، قاله مجاهد. وقيل : مشرقا الشمس والقمر ومغرباهما. وعن ابن عباس : للشمس مشرق في الصيف مصعد ، ومشرق في الشتاء منحدر ، تنتقل فيهما مصعدة ومنحدرة. انتهى. فالمشرقان والمغربان للشمس. وقيل : المشرقان : مطلع الفجر ومطلع الشمس ، والمغربان مغرب الشفق ومغرب الشمس. ولسهل التستري كلام في المشرقين والمغربين شبيه بكلام الباطنية المحرفين مدلول كلام الله ، ضربنا عن ذكره صفحا. وكذلك ما وقفنا عليه من كلام الغلاة الذين ينسبون للصوفية ، لأنا لا نستحل نقل شيء منه. وقد أولغ صاحب كتاب التحرير والتحبير بحسب ما قاله هؤلاء الغلاة في كل آية آية ، ويسمي ذلك الحقائق ، وأرباب القلوب وما ادعوا فهمه في القرآن فأغلوا فيه ، لم يفهمه عربي قط ، ولا أراده الله تعالى بتلك الألفاظ ، نعوذ بالله من ذلك.
(مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ) : تقدم الكلام على ذلك في الفرقان. قال ابن عطية : وذكر الثعلبي في مرج البحرين ألغازا وأقوالا باطنة لا يلتفت إلى شيء منها. انتهى ، والظاهر التقاؤهما ، أي يتجاوزان ، فلا فصل بين الماءين في رؤية العين. وقيل : يلتقيان في كل سنة مرة. وقيل : معدان للالتقاء ، فحقهما أن يلتقيا لو لا البرزخ بينهما. (بَرْزَخٌ) : أي حاجز من قدرة الله تعالى ، (لا يَبْغِيانِ) : لا يتجاوزان حدهما ، ولا يبغي أحدهما على الآخر بالممارجة. وقيل : البرزخ : أجرام الأرض ، قاله قتادة ؛ وقيل : لا يبغيان : أي على الناس والعمران ، وعلى هذا والذي قبله يكون من البغي. وقيل : هو من بغى ، أي طلب ، فالمعنى : لا يبغيان حالا غير الحال التي خلقا عليها وسخرا لها. وقيل : ماء الأنهار لا يختلط بالماء الملح ، بل هو بذاته باق فيه. وقال ابن عطية : والعيان لا يقتضيه. انتهى ، يعني أنه يشاهد الماء العذب يختلط بالملح فيبقي كله ملحا ، وقد يقال : إنه بالاختلاط تتغير أجرام العذب حتى