متلفا للعين ، أو ناقلا للملك ، أو مانعا من الرد كالاستيلاد ، أو مغيرا للعين كقصارة (١) الثوب ، ونجارة الخشب ، وطحن الحنطة على الأقوى (٢) في الأخير. وقيل : مطلق التصرف وهو ظاهر العبارة (٣) ، وفي تنزيل موت المتهب منزلة التصرف قولان ، من عدم وقوعه منه (٤) فتتناوله الأدلة المجوزة للرجوع. ومن
______________________________________________________
ـ (إذا كانت الهبة قائمة بعينها فله أن يرجع وإلا فليس له) (١) وبقاء العين شامل لحالتي التصرف وعدمه ، فيجوز الرجوع ما قبل التلف فقط.
التفصيل بين التصرف الموجب للنقل والخروج عن الملك أو المغيّر للصورة كنجارة الخشب وقصارة الثوب فإنه يوجب اللزوم وإلا كالركوب والسكنى واللبن وغيرها مما هو استيفاء المنفعة فقط فلا وإليه ذهب ابن حمزة والشهيد في الدروس وجماعة من المتأخرين لنفس صحيح الحلبي المتقدم ، لأنه مع تغيير الصورة النوعية للهبة لا يصدق قيام الهبة بعينها ، لأن المتبادر من الرواية الهداية بقاؤها بأوصافها التي كانت عليها ، وكذا مع نقلها لا يصدق بقاؤها عرفا لأن ذلك منزل منزلة التلف فضلا عن أن الخبر منصرف إلى بقاء بعينها عند الموهوب له ، ومع النقل فلا يتحقق ذلك. وهذا هو الأقوى.
ثم لما كان هذا القول الثالث راجعا إلى القول الثاني وليس هو شيء مستقل حرّر جماعة المسألة على قولين ، فما فعله الشارح في المسالك وجماعة من تحرير المسألة على أقوال ثلاثة ليس في محله ، ثم مما تقدم تعرف أن العمدة في مستند الحكم في المسألة هو صحيح الحلبي فقط وهذا ما اعترف به صاحب الجواهر وصاحب العروة وغيرهما فتكثير الأدلة والاستحسانات كما فعل الشارح في المسالك أيضا ليس في محله.
(١) قصّرت الثوب أي بيضته والفاعل قصّار.
(٢) لأن الطحن مغير لصورة الحنطة وإن بقيت حقيقتها ، ولم أجد من خالف في ذلك ، نعم بعض المحشين جعل الاقوائية في قبال الاحتمال أن يقال الطحن لم يغيّر الحقيقة فالعين باقية وإن تغير الاسم وهو مردود لتغير الصورة عرفا.
(٣) وقد عرفت أن مرادهم هو التفصيل.
(٤) أي عدم وقوع انتقال الملك منه ، وهو دليل على كون الموت ليس بمنزلة التصرف الموجب للزوم ، وفيه : إن ظاهر صحيح الحلبي هو جواز الرجوع ما دامت الهبة قائمة بعينها عند الموهوب له ، ومع موته فتنتقل إلى الوارث فلا يصدق قيامها بعينها عند الموهوب له فالأقوى أنه بمنزلة التصرف الموجب للزوم الهبة.
__________________
(١) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب أحكام الهبات حديث ١.