الآن ، أو لا خلاف بين المسلمين قاطبة في أصل شرعيته ، وإن اختلفوا بعد ذلك (١) في نسخه.
(والقرآن) الكريم(مصرّح به) في قوله تعالى : (فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ) (٢) اتفق جمهور المفسرين على أن المراد به نكاح المتعة ، وأجمع أهل البيت عليهالسلام على ذلك ، وروي عن جماعة من الصحابة منهم أبي بن كعب ، وابن عباس ، وابن مسعود أنهم قرءوا («فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ) إلى أجل مسمّى (٣).
(ودعوى نسخه) أي نسخ جوازه من الجمهور(لم تثبت) ، لتناقض رواياتهم
______________________________________________________
ـ فلو أبيحت في أول الإسلام ثم نسخت في خيبر ، ثم أذن فيها في عام أوطاس ثم أبيحت في عام الوداع ثم نهى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم عنها للزم تشريعها مرارا ونسخها كذلك ، وهذا غير معهود في الشريعة على أنها لو كانت منسوخة لما خفي ذلك على الصحابة في زمن خلافة الأول وبرهة من خلافة الثاني.
بل نفس قول عمر (متعتان كانت على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أنا أحرمهما وأعاقب عليهما) (١) يدل على عدم نسخها ، فنسب النهي إلى نفسه لا إلى الله ولا إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بعد اعترافه بأنها كانت على زمن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وقد حكى الراغب في محاضراته (أن يحيى بن أكثم قال لشيخ بالبصرة كان يتمتع : عمن أخذت المتعة؟ فقال : عن عمر ، فقال له : كيف وهو أشدّ الناس نهيا عنها؟ فقال : إن الخبر الصحيح جاء عنه أنه صعد المنبر وقال : إن الله ورسوله أحلّ لكم متعتين وأنا أحرّمهما وأعاقب عليهما ، فقبلنا شهادته ولم نقبل تحريمه) (٢) ، وروى مسلم في صحيحه عن أبي نضرة (كنت عند جابر بن عبد الله فأتاه آت فقال : ابن عباس وابن الزبير اختلفا في المتعتين ، فقال جابر : فعلناهما مع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ثم نهانا عنهما عمر فلم نعد لهما) (٣) وفي هذه كفاية للمعتبر.
(١) أي بعد شرعيته.
(٢) النساء آية : ٢٣.
(٣) راجع النووي بشرح مسلم ج ٩ ص ١٧٩.
__________________
(١) البيان والتبيان للجاحظ ج ٢ ص ٢٢٣ ، كنز العمال ج ٨ ص ٢٩٣.
(٢) محاضرات الراغب ج ٢ ص ٩٤.
(٣) صحيح مسلم ج ١ ص ٣٩٥.