هنا ما كان طريقا إلى ثوابه فيتناول كل قربة جريا له على عمومه.
وقيل : يختص الغزاة ، (ولو قال : أعطوا فلانا كذا ، ولم يبين ما يصنع به ، دفع إليه يصنع به ما شاء) (١) لأن الوصية بمنزلة التمليك فتقتضي تسلط الموصى له تسلط المالك ، ولو عين له المصرف تعين.
(وتستحب الوصية لذوي القرابة ، وارثا كان أم غيره) (٢) لقوله تعالى :
______________________________________________________
(١) لأن الوصية تمليك للموصى له ، والتمليك يقتضي تسليط الموصى له على المال كتسلط غيره من الملّاك على أموالهم ، نعم لو عين مصرفا بحيث قال : اعطوه ليصرفه في الجهة الفلانية تعين عليه صرفه فيها للنهي عن تبديل الوصية ، قال تعالى : (فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مٰا سَمِعَهُ فَإِنَّمٰا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ) (١) ، ولو صرفه في غير الجهة المعيّنة ضمن ولزمه إقامة بدله وصرفه في الوجه المعين.
(٢) تجوز الوصية للوارث كما تجوز للأجنبي لإطلاق أدلة الوصية ، ولقوله تعالى : (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذٰا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوٰالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ) (٢) ، ولا بدّ أن يكون الوالدان وارثين ، إلا أن يكونا ممنوعين من الإرث للكفر ونحوه لكن اللفظ أعم فيشمل موضع النزاع ، والأقربين أيضا يشمل الوارث على بعض الوجوه ، وللأخبار.
منها : صحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليهالسلام (الوصية للوارث لا بأس بها) (٣) ، وموثقه الآخر عنه عليهالسلام (عن الوصية للوارث ، فقال عليهالسلام : تجوز ثم تلا هذه الآية إن ترك خيرا ...) (٤) ، وصحيح أبي ولّاد الحناط عن أبي عليهالسلام (عن الميت يوصي للوارث بشيء؟ قال عليهالسلام : نعم ، أو قال : جائز له) (٥) ، ومثلها غيرها.
وذهب أكثر الجمهور إلى عدم جوازها للوارث وهو واضح الفساد بعد ما سمعت من الأدلة ، ولذا ما ورد من طرقنا وهو دال على أن الوصية لا تجوز للوارث محمول على التقية.
هذا بل الآية تدل على استحباب الوصية لذوي القرابة وارثا كان أم غيره ، لأن معنى (كتب) الوارد وفي الآية هو الفرض وهو بمعنى الحث والترغيب وهو يدل على الاستحباب فضلا عن الجواز.
__________________
(١) سورة البقرة ، الآية : ١٨١.
(٢) سورة البقرة ، الآية : ١٨٠.
(٣ و ٤ و ٥) الوسائل الباب ـ ١٥ ـ من أبواب الوصايا حديث ٤ و ٢ و ١.