(والعدالة في قول قوي) (١) ، لأن الوصية استئمان ، والفاسق ليس أهلا له ، لوجوب التثبت عند خبره ، ولتضمنها (٢) الركون إليه ، والفاسق ظالم منهي عن الركون إليه ، ولأنها (٣) استنابة إلى الغير فيشترط في النائب العدالة كوكيل الوكيل ، بل أولى ، لأن تقصير وكيل الوكيل مجبور بنظر الوكيل والموكل وتفحصهما على مصلحتهما ، بخلاف نائب الميت (٤) ، ورضاه به (٥) غير عدل لا يقدح في ذلك (٦) ،
______________________________________________________
(١) ذهب المشهور إلى اشتراط العدالة في الوصي لأدلة.
الأول : لأن الوصية استئمان على مال الأطفال والفاسق لا أمانة له لوجوب التثبت عند خبره لقوله تعالى : (إِنْ جٰاءَكُمْ فٰاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا) (١).
(٢) الدليل الثاني وحاصله أن الوصية تتضمن الركون باعتبار فعل ما أوصي إليه به من تفرقة المال وإنفاقه وصرفه على الأطفال ، والفاسق ظالم لا يجوز الركون إليه لقوله تعالى : (وَلٰا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النّٰارُ) (٢) ، وفيه : إن الوصاية ليست ركونا ، ولو سلم فالممنوع الركون إلى خصوص الظالم من الفاسق ، لا مطلق الفاسق وإن كان ظالما في نفسه ، لأن الظاهر من الآية هو الظالم لغيره لا لنفسه.
(٣) الدليل الثالث وحاصله أن الوصية استنابة على مال الغير الذي هو الطفل وليس على مال الموصي ، لانتقاله عنه بموته ، فيشترط في النائب العدالة كوكيل الوكيل ، بل العدالة هنا أولى ، لأن تقصير وكيل الوكيل مجبور بنظر الوكيل والموكل بخلاف الوصي فإنه لا يشاركه فيها أحد ولا يتبع أفعاله.
(٤) الذي هو الوصي.
(٥) أي ورضا الموصي بالوصي جواب عن سؤال مقدر ، أما السؤال : كيف لا تصح الوصاية عند قول الموصي : هذا وصيي ولو كان فاسقا ، فقد رضي به وإن كان غير عادل ، ومع الرضا فلا بد من الحكم بالصحة.
وأما الجواب : فالرضا بكونه فاسقا لا يقدح في اشتراط العدالة في الوصي ، لأن مقتضى الوصاية إثبات الولاية بعد الموت ، وحينئذ لا أهلية للميت حتى يأذن ويرضى بولاية شخص على الغير ، بخلاف الوكالة في مال الحياة فرضاه بفسق الوكيل مؤثر في الصحة لأهليته للاذن حينئذ.
(٦) في اشتراط العدالة في الوصي.
__________________
(١) سورة الحجرات ، الآية : ٦.
(٢) سورة هود ، الآية : ١١٤.