لأن مقتضاها (١) إثبات الولاية بعد الموت (٢) وحينئذ (٣) فترتفع أهليته (٤) عن الإذن والولاية ، ويصير التصرف متعلقا بحق غير المستنيب (٥) من طفل ، ومجنون ، وفقير ، وغيرهم فيكون أولى باعتبار العدالة من وكيل الوكيل (٦) ، ووكيل الحاكم ، على مثل هذه المصالح. وبذلك (٧) يظهر ضعف ما احتج به نافي اشتراطها (٨) من أنها (٩) في معنى الوكالة ، ووكالة الفاسق جائزة اجماعا وكذا استيداعه ، لما عرفت (١٠) من الفرق بينها (١١) ، وبين الوكالة ، والاستيداع ، فإنهما متعلقان بحق الموكل والمودع ، وهو مسلّط على إتلاف ماله فضلا عن تسليط غير العدل عليه ، والموصي إنما سلطه على حق الغير ، لخروجه (١٢) عن ملكه بالموت مطلقا (١٣) ، مع أنا نمنع أن مطلق الوكيل والمستودع لا يشترط فيهما العدالة (١٤).
______________________________________________________
(١) أي مقتضى الوصاية.
(٢) أي موت الموصي.
(٣) أي وحين موت الموصي.
(٤) أي أهلية الموصي.
(٥) وهو نفس الموصي.
(٦) لأن الوكالة متقومة بإذنه حال الحياة ، وهو في هذه الحال أهل للاذن.
(٧) أي بما ذكر من الوجوه.
(٨) ذهب ابن إدريس والمحقق في النافع والعلامة في بعض كتبه إلى عدم اعتبار العدالة ، للأصل وإطلاق أدلة الوصاية ، وإلى أنها تابعة لاختيار الموصي كالوكالة ، مع أنه يجوز توكيل الفاسق فكذا يجوز توكيل الوصي وفيه : إن الأصل منقطع بما تقدم من الوجوه ، وبها يقيّد إطلاق الأدلة ، وللفرق بين الوصاية والوكالة بأن الوكالة تسليط على ماله بخلاف الوصاية فإنها تسليط على مال الغير ، وبأن الوكالة أذن بالتصرف في حال حياته وهو تحت نظره يراعيه في تتبع المصلحة ، بخلاف الوصاية فهي إذن بالتصرف بعد مماته وهو غير أهل للأذن وليس هناك أحد يراعيه ويتتبع أفعاله.
(٩) أي الوصاية.
(١٠) تعليل لبيان ضعف القول بعدم الاشتراط.
(١١) أي بين الوصاية.
(١٢) وهو حق الغير من مال الأطفال.
(١٣) حتى الثلث.
(١٤) لأن إيداع مال الطفل ونحوه والوكالة فيه مما يشترط فيها عدالة الوكيل والمستودع ، فالتشبيه بمطلق الوكيل والمستودع غير تام.