ونادى بلسان عربيّ مبين : السلام على النور الذي في ظهرك يا عبد المطلب سيّد قريش حزت العز والسناء والشرف.
فلما سمع ابرهة مقال الفيل وقع عليه الإفك وهي الرغدة فظن ان ذلك سحره فبعث من ساعته فجمع له كلّ ساحر في المملكة وقال لهم حدّثوني عن شأن هذا الفيل انّه لا يسجد لي وقد سجد لعبد المطلب.
قالت له السحرة أيها الملك ان هذا الفيل لم يسجد لعبد المطلب وإنمّا سجد لنور يخرج من ظهره في آخر الزمان يقال له محمّد يملك الأرض شرقا وغربا وبرّا وبحرا وسهلا وجبلا وتذلّ له الملوك ويدين بدين صاحب هذا البيت إبراهيم ، وملكه أعظم من ملك أهل الدنيا فتأذن لنا أيّها الملك أن نقبّل يديه ورجليه ، فأذن لهم ابرهة في ذلك.
فقامت السحرة فقبلت يدي عبد المطلب ورجليه وقام الملك متواضعا فقبّل رأسه وأمر له بأجزل الجوائز والعطايا ورد عليه وعلى عشائره من قريش ما أخذ منهم.
وعاد عبد المطلب الى مكّة فتزوج هالة بنت الحارث فولدت أبا لهب واسمه عبد العزى فخرج كافرا شيطانا وماتت هالة فتزوج بعدها عدّة من النساء وولد له عدّة أولاد.
ثم نام يوما في الحجر قال فرأيت كأنّه قد خرج من ظهري سلسلة بيضاء لها أربعة أطراف طرف منها بلغ مشارق الأرض وطرف بلغ مغاربها وطرف لحق أعنان السماء وطرف جاوز الثرى فبينما أنا أنظر إليها إذ صارت في أسرع من طرف العين شجرة خضراء لم ير الراءون أنضر منها ولا أحسن فبينما أنا كذلك فإذا أنا بشخصين بهيين قد وقفا عليّ فقلت لأحدهما من أنت؟ فقال أما تعرفني؟ قلت لا. قال : أنا أبوك نوح رسول ربّ العالمين.
وقلت للثاني من أنت؟ فقال : أنا أبوك إبراهيم خليل ربّ العالمين.
ثم انتبهت.
فقيل له ان صدقت رؤياك ليخرجن من ظهرك من يؤمن به أهل السموات والأرض وليكونن في الناس علما مبينا.