فاشتد ذلك على (ابرهة) وقيل ان ابرهة عند ما حاصر مكّة بعث إليها رجلا من قومه يقال له حنظلة الحميري وكان شديد البأس فأقبل يسير حتى دخل مكّة فسأل عن خير الناس فقيل له عبد المطلب فلما ادخل عليه حنظلة حضر وتلجلج لسانه وخرّ مغشيا عليه يخور كما يخور الثور اذا جز.
فلما أفاق خر ساجدا له فقال : اشهد انّك سيّد قريش حقا.
قال : وكان لا يدخل مكّة أحد وينظر الى وجه عبد المطلب إلّا خرّ له ساجدا إكراما من الله جل وعز لنبيّه محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم.
ثم أدّى رسالة ابرهة الملك الى عبد المطلب فركب في نفر من قومه فلما توسط العسكر سبقه حنظلة وجعل يسعى سعيا حثيثا حتى دخل على الملك فقال له قد جاءك سيّد قريش حقّا.
قال : وكيف علمت.
قال : لأنّي لم أر في الآدميين أجمل منه وجها ، كان صفاء لونه اللؤلؤ المكنون. واعلم انّه لم يمر بشيء إلّا خرّ له ساجدا.
فأخذ ابرهة أحسن زينته وأذن له بالدخول فلما دخل عبد المطلب على ابرهة وهو على سرير ملكه في قبّة ديباج سلّم عليه فرد ابرهة عليه السلام وقام قائما فأخذ بكلتا يديه فأقعده معه.
فأقبل الملك ابرهة ينظر الى وجهه ثم قال له هل كان في آبائك أحد له مثل هذا النور؟
قال : نعم كلّ آبائي كان لهم هذا النور.
قال ابرهة : فأنتم قوم قد فاخرتم الملوك شرفا وفخرا.
ثم التفت الى سايس الفيل الأبيض وكان عظيما أبيض له نابان مرصعان بالدرّ والجواهر كان يباهي به جميع ملوك الأرض وكان من بين الفيلة لا يسجد لابرهة فقال له : اخرجه.
فأخرجه وقد زيّن فلما نظر الفيل الى عبد المطلب برك كما يبرك البعير وخرّ ساجدا