وأولادي وقد اختاركم الله جل وعز لنفسه ، فجعلكم سكّان حرمه وبيته ، وأنا ربيبكم وسيّدكم ، فهذا لواء نزار ، وقوس اسماعيل ، وسقاية الحاج ومفاتيح الكعبة ، قد سلّمتها الى ابني عبد المطلب فاسمعوا له وأطيعوا أمره.
قال : فوثبت قريش فقبلت رأس عبد المطلب ونثروا عليه ورقا وعينا وقالوا سمعنا وأطعنا.
فكان لواء نزار وقوس اسماعيل وسقاية الحاج ومفاتيح الكعبة كلّ ذلك يجري على يديه وكانت ملوك الأطراف والأكناف جميعا تكاتبه وتهاديه وتعرف له فضله ما خلا كسرى صاحب المدائن فانّه كان معاندا مكاشفا.
وكانت قريش إذا أصابها محل أو شدّة يأخذون بيد عبد المطلب ويخرجونه الى جبل ثبير فيتقرّبون الى الله عز وجل به ويستسقون ، فكان الله عز وجل يسقيهم بنور رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم الغيث.
ولقد روي من نور رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم عجب يوم قدوم ابرهة بن الصباح الملك الذي قدم لهدم الكعبة وبيت الله الحرام فقال عبد المطلب : يا معشر قريش انّه لا يصل الى هدم هذا البيت لأنّ له ربا يحفظه.
وجاء ابرهة الملك فنزل بفناء مكّة فاستاق ابلا وغنما لقريش وأربعمائة ناقة حمراء لعبد المطلب فقام فركب في نفر من قومه فلما صار على جبل ثبير استدارت دائرة غرة رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم على جبين عبد المطلب كالهلال وزهر شعاعها على البيت الحرام كالسراج اذا وقع على الجدار ضوء.
فلما نظر عبد المطلب الى ذلك من نفسه قال : معاشر قريش ارجعوا فقد كفيتم فو الله ما استدار هذا النور مني قط إلا كان الظفر.
ثم قصد الملك وقال الملك وقد سأله عبد المطلب في الابل والغنم : جئت لأخرّب بيته وشرفه وهو يسألني في الإبل.
فأخبر الترجمان عبد المطلب بذلك عنه ؛ قال : سألت فيما هو لي ولقومي ؛ والبيت لمن يحميه ولا يدع أحدا يصل إليه ، ومتى تهيأ له الوصول الى البيت واخرابه فليقتلني فيه.