فرجعوا وقد فعل الله بهم ذلك ، فأنشأ أبو طالب يقول شعرا :
أبونا شفيع الناس حين سقوا به |
|
من الغيث رجاس العشير بكور |
ونحن سنين المحل قام شفيعنا |
|
بمكّة يدعو والمياه تغور |
فلم تبرح الأقدام حتى رأوا بها |
|
سحابات مزن صوبهن درور |
وقيس أتتنا بعد أزم وشدّة |
|
وقد عضّها دهر أكب عثور |
فما برحوا حتى سقى الله أرضهم |
|
بشيبة غيثا فالنبات نضير |
وكان صاحب أحكام قريش يخرج في كلّ يوم فيطوف بالبيت وكان ينظر الى جمال شخص رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ممثلا بين عينيه كأنّه قطعة نور فكان يقول : معاشر قريش اني إذا خرجت أطوف أنظر الى جمال شخص بين عيني كأنّه النور.
فتقول قريش : ولكنّا نحن لا نرى مثل ما يرى عبد المطلب.
قال ابن عباس : فكان من دلايل حمل محمّد صلّى الله عليه وآله ان كلّ دابة كانت لقرشي نطقت في تلك الليلة بأن قالت : حملت بمحمّد بربّ الكعبة وهو أمان الدنيا وصلاح أهلها.
ولم تبق كاهنة في قريش إلّا حجب عنها صاحبها وانتزع علم الكهانة منها ومرّت وحش المشرق الى وحش المغرب بالبشارات وكذلك أهل البحار بشّر بعضهم بعضا بحمله صلّى الله عليه وآله.
وروي عن العالم عليه السّلام انّه قال : لما أراد الله عز وجل أن يظهر سيّدنا محمّدا صلّى الله عليه وآله وسلّم أنزل قطرة من تحت العرش فألقاها على ثمرة من ثمار الأرض فأكلها أبوه فلما واقع آمنة وصارت في الموضع الذي خلقه الله جل وعلا فيه ومضى لها أربعون يوما سمع الصوت في بطن امّه فلما مضى له أربعة أشهر كتب على عضده الأيمن (وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) ، فلما ظهر بأمر الله جل وعز رفع له في كلّ بلدة عمود من نور ينظر به الى أعمال العباد.
وروي عن آمنة بنت وهب انّها قالت لما قربت ولادته صلّى الله عليه وآله وسلّم : رأيت جناح طاير أبيض قد مسح على فؤادي وكان قد دخلني رعب فذهب الرعب عني وأتيت بمشربة بيضاء كأنّها لبن وكنت عطشى فناولنيها مناول فشربتها فأضاء مني نور عال ثم رأيت