عظيما.
وكان عبد المطلب إذ ذاك يستسقى به قبل أن ينتقل منه النور الى ابنه عبد الله.
ما روي من يعقوب بن جعفر بن سليمان الهاشمي عن جدّه قال حدّثني أبي عن عبد الله عن عباس عن أبيه عبد الله بن عباس قال : قحطت بلاد قيس وأجدبت جدبا شديدا فلم يصبهم سماء يعقد الثرى ولا ينبت الكلإ فذهب اللحم وذاب الشحم وتهافتوا ضرّا وهزلا فاجتمعت قيس للمشورة واجالة الرأي وعزموا على الرحلة وانتجاع البلدان فقالت فرقة منهم : معشر قيس عيلان انّكم أصبحتم في أمر ليس بالهزل هذا أمر عظيم خطره ، بعيد منظره وقد بلغنا ان عبد المطلب سيّد البطحاء استسقى فسقي ودعا فأجيب وشفع فشفع فاجعلوا قصدكم إليه واتكالكم عليه واستشفعوا به كما استشفع به غيركم.
فقالوا : أصبت الرأي.
فأتوا عبد المطلب وقالوا : افلح الوجه أبا الحارث ، نحن ذوو أرحامكم الواشجات أصابتنا سنون مجدبات أهزلن السمين وأفقرن المعين وقد بلغنا خبرك وبان لنا أثرك فاشفع لنا إلى مشفعك.
فقال لهم : موعدكم جبل عرفات.
ثم خرج في بنيه وبني بنيه حتى أتى جبل عرفات فرفع عبد المطلب يديه ثم قال ، اللهم ربّ الريح العاصف والبرق الخاطف ، والرعد القاصف ، منشئ السحاب ، ومالك الرقاب وخالق الخلق ، ومنزل الرزق والحق ، هذه مضر ، خير البشر ، تشكو شدّة الحال ، وكثرة الامحال ، قد احدودبت ظهورها ، وشعثت شعورها ، وهزل سمينها ونضب معينها ، وغارت عيونها ، وقد خلفوا نشأ ظلعا ، وبهائم رتعا ، وأطفالا رضّعا ، اللهم فاتح لهم ريحا خرارة ، وسحابة درارة ، تضحك أرضهم وتذهب ضرّهم.
قال : فما برحوا حتى نشأت سحابة دكناء فيها دوي شديد.
فقال عبد المطلب : ايه. هذا أوان خريرك فسحي.
ثم قال : ارجعوا معاشر قريش فقد سقيت أرضكم.