عشيّة عرفة وليلة جمعة وأمر الله تبارك وتعالى رضوان خازن الجنّة عليه السّلام أن يفتح أبواب الجنّة وفتحت أبواب السماء والفراديس كلّها وبشّرت الأرض بأن النور المكنون منه رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم الليلة يستقر في بطن آمنة امّه.
وأصبحت يومئذ أصنام قريش وأصنام الدّنيا كلّها منكوسة مصفدة فيها شياطينها وأصبح عرش إبليس اللعين منكوسا أربعين يوما وأفلت محترقا هاربا حتى أتى جبل أبي قبيس فصاح صيحة اجتمع إليه كلّ شيطان مريد فقالوا لسيّدهم ما ذا الحال؟.
فقال : ويلكم هلكتم بهذه المرّة هلاكا لم تهلكوا مثله قط.
قالوا : ما القصة؟.
قال : هذا محمّد مبعوث بالسيف القاطع الذي لا حياة بعده. امّته امة هي التي ألعنني ربي من أجلها وجعلني شيطانا رجيما ، يظهرون الوحدانية ولا يشركون بربّهم شيئا ، وسيأتي من هذا النبي ومن امّته ما يسخن عيني وقلبي فإلى أين المفر والملجأ؟
فقالت له عفاريته : طب نفسا وقرّ عينا فان الله جل وعز خلق ذرية آدم على سبعة أطباق ولكلّ طبق منهم جزء مقسوم وقد مضت ستة أطباق وكانوا أشدّ من هؤلاء وأكثر جمعا وأولادا وقد استوثقنا منهم ولا بد من أن نستوثق من في الطبق السابع.
قال إبليس : فكيف تقدرون عليهم وفيهم الخصال الجميلة : الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟.
قالت العفاريت : نأتي العالم من جهة علمه والجاهل من جهة جهله وصاحب الدّنيا من جهة الدّنيا ونأتي الزاهد من جهة زهده وصاحب الزنا من زنائه.
قال إبليس : انّهم يعتصمون بالله وحده.
قالت العفاريت : فان اعتصموا بالله ثبتنا فئة الأهواء الضالة المضلّة.
فضحك إبليس وقال : أقررتم عيني.
وكانت قريش في جدب جديب من الزمان ومحل وقحط فسمّيت السنة التي فيها حمل رسول الله صلّى الله عليه وآله سنة الفتح والاستبهاج وذلك ان الأرض في تلك السنة اخضرت وحملت الأشجار ووافاهم الوفود من كلّ مكان فخصبت مكّة وأكنافها خصبا