تناهت به قدرتك وتمّت فيه مشيتك دعاك بما أكننت فيه فأجبته إجابة القبول ، فلما أذنت اللهم في انتقال محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم من صلب آدم ألفت بينه وبين زوج خلقتها له سكنا ووصلت لهما به سببا.
فنقلته من بينهما الى (شيث) اختيارا له بعلمك ، فأي بشر كان اختصاصه برسالتك ، ثم نقلته الى (انوش) فكان خلف أبيه في قبول كرامتك ، واحتمال رسالتك ، ثم قدّرت نقل النور الى (قينان) وألحقته في الحظوة بالسابقين ، وفي المنحة بالباقين ، ثم جعلت (مهلائيل) رابع اجرامه قدرة تودعها من خلقك في من تضرب لهم بسهم النبوّة ، وشرف الابوّة حتى تناهى تدبيرك الى (اخنوخ) فكان أوّل من جعلت من الأجرام ناقلا الرسالة وحاملا لأعباء النبوّة ، فتعاليت يا ربّ ، لقد لطف علمك وجلّت قدرتك عن التفسير إلّا بما دعوت إليه من الإقرار بربوبيتك ، واشهد ان الأعين لا تدركك ، والأوهام لا تلحقك ، والعقول لا تصفك ، والمكان لا يسعك وكيف يسع المكان من خلقه وكان قبله أم كيف تدركه الأوهام ولا نهاية له ولا غاية وكيف يكون له نهاية وغاية ، وهو الذي ابتدأ الغايات والنهايات أم كيف تدركه العقول ولم يجعل لها سبيلا الى إدراكه ، وكيف يكون لها سبيل الى إدراكه وقد لطف بربوبيته عن المحاسة والمجاسة ، وكيف لا يلطف عنهما من لا ينتقل عن حال الى حال ، وقد جعل الانتقال نقصا وزوالا ، فسبحانك ملأت كلّ شيء وباينت كلّ شيء فأنت الذي لا يفقدك شيء وأنت الفعّال لما تشاء ، تبارك يا من كلّ مدرك من خلقه ، وكلّ محدود من صنعه أنت الذي لا يستغني عنك المكان والزمان ولا نعرفك إلّا بانفرادك بالوحدانية والقدرة ، وسبحانك ما أبين اصطفاءك (لإدريس) على سائر خلقك من العالمين لقد جعلت له دليلا من كتابك إذ سمّيته صدّيقا نبيّا ، ورفعته مكانا عليّا ، وأنعمت عليه نعمة حرمتها على خلقك ، إلّا من نقلت إليه نور الهاشميين وجعلته أوّل منذر من أنبيائك ثم أذنت في انتقال نور محمّد صلّى الله عليه وآله من القابلين له (متوشلخ) و (لمك) المفيضين به الى نوح فأي آلائك يا ربّ لم توله ، وأي خواص كرامتك لم تعطه ، ثم أذنت في ايداعه (سام) دون (حام) و (يافث) فضربت لهما بسهم في الذلّة ، وجعلت ما أخرجت بينهما لنسل سام خولا ، ثم تتابع عليه القابلون من حامل الى حامل ومودّع الى مستودع