يجوب بلاطخها ، ويخرق صلادحها ، والناس منه مشفقون ، ومن خوفه حذرون إذ أتاه محمّد ابني فقبض على رقبته ، فانقاد له كالظبية الألوف ، فانتبهت وأنا مرتاعة ، فغدوت على الحبر والكاهن اللذين بشّراني ووعداني وعلى ساير القافة والعافة بأن قصدت (أبا كرز) الكاهن وكان عارفا محذقا فوجدته قد نهض في حاجة له فجلست أرقبه وكان عنده (جميل) كاهن بني تميم فكرهت حضوره وعملت على انتظار قيامه وانصرافه ، فنظر جميل إليّ وضحك ثم قال لي : أقسم بالأنواء ومظهر النعماء ، وخالق الأرض والسماء ، انّك لتكرهين مثواي وتحبين مسراي لتسألي (أبا كرز) عن الرؤيا ، فينبئك بالأنباء ، فقلت له : ان كنت صادقا فيما قلت من الهتف حين زجرت فنبئني بما استظهرت فأنشأ يقول :
رأيت أجبالا تلي أجبالا |
|
وكلّها لابسة سربالا |
مسرعة قد تبتغي القتالا |
|
حتى رأيت بعضها تعالى |
ينثر من جلبابه نصالا |
|
أخذت منها أربعا طوالا |
وبيضة تشتعل اشتعالا |
|
فواحد في ثج ماء عالا |
وآخر في جوّها قد صالا |
|
بذي طواف طار حين زالا |
وثالث قد صادف اختلالا |
|
لما غدا منكسرا أوصالا |
ورابع قد خلته هلالا |
|
مقتدح الزندين قد تلالا |
ولت به صائلة ايغالا |
|
حتى استحال بعدها انتقالا |
أدرك في خلقته الاشبالا |
|
ثم استوى مستأسدا صوّالا |
يخطف من سرعته الرجالا |
|
فانسل في قيعانها انسلالا |
يخرق منها الصعب والمحالا |
|
والناس يرهبون منه الحالا |
حتى اتى ابن عمّه ارسالا |
|
فتلّه بعنقه اتلالا |
كظبية ما منعت غفالا |
|
ثم انتبهت تحسبين خالا |
قالت فاطمة : فقلت : صدقت والله يا جميل وبررت في قولك ، هكذا رأيت مما رأيت في الكرى فنبئني بتأويله. فأنشأ يقول :