قال فولد علي عليه السّلام ولرسول الله صلّى الله عليه وآله ثلاثون سنة فأحبّه رسول الله صلّى الله عليه وآله حبّا شديدا.
وقال لفاطمة امّه : اجعلي مهد علي بجنب فراشي ، وكان صلّى الله عليه وآله يلي تربيته ويوجره اللبن في ساعة رضاعه ويحرّك مهده عند نومه ويناغيه في يقظته ، ويحمله على صدره تارة وعلى عاتقه اخرى ويتكتّفه ويقول : هذا أخي ووليي وناصري وصفيي ووصيي وذخيرتي وكهفي وصهري وزوج كريمتي وأميني على وصيتي. وكان يحمله ويطوف به جبال مكّة وشعابها وأوديتها وفجاجها.
فلما تزوّج صلّى الله عليه وآله خديجة بنت خويلد علمت بوجده بعلي عليه السّلام فكانت تستزيره وتزيّنه بفاخر الثياب والجوهر وترسل معه ولا يدها ، فيقلن : هذا أخو محمّد وأحبّ الخلق إليه وقرّة عين خديجة ومن ينزل السكينة عليه.
علي ربيب الرسول
وكانت ألطاف خديجة وهداياها الى منزل أبي طالب متصلة حتى أصابت قريشا أزمة شديدة ، وسنة معصوصبة ، وكان أبو طالب رجلا جوادا معطاء سمحا فقل ماله وكثر عياله وأجحفت السنة بحاله.
فدعا رسول الله صلّى الله عليه وآله عمّه العباس وكان أيسر بني هاشم في وقته وزمانه فقال له : يا عم ان أخاك كثير العيال متضعضع الحال وقد أصاب الناس ما ترى من هذه الأزمة ، وذوو الأرحام أحقّ بالرفد وأولى من حمل عنهم الكلّ ، فانطلق بنا إليه لنحمل من كلّه ونخفف من عيلته فيأخذ بعض ببنيه ونأخذ البعض.
فقال له العباس : نعم ما رأيت يا بن أخ وعلى الصواب أتيت هذا والله التيقظ على الكرم والعطف على الرحم.
فمضيا الى أبي طالب فأجملا مخاطبته وقالا له : ان لك سوابق محمودة ومناقب غير مجحودة وأنت صنو الأباة الانجاد وقد جمع لك العرف في قرن فهو إليك منقاد ، ولسنا نبلغ صفاتك ، وقد أضلت هذه السنة الغبراء ، وعيالك كثير ولا بد أن نخفّف عنك بعضهم