تجري مجرى النبوّة.
وعنه عن محمد المحمودي عن أبيه ان حاضنة أبي جعفر قالت له يوما : ما لي أراك مفكّرا كأنّك شيخ؟
فقال لها : ان عيسى بن مريم كان يمرض وهو صبي فيصف لأمه ما تعالجه به فاذا تناوله بكى.
قالت : يا بني إنمّا أعالجك بما علّمتني.
فيقول لها : الحكم حكم النبوّة ، والخلقة خلقة الصبيان.
وعن المحمودي قال : كنت واقفا على رأس الرضا عليه السّلام بطوس فقال لي بعض أصحابه : ان حدث حدث ، فإلى من؟
فالتفت عليه السّلام وقال له : الى ابني أبي جعفر.
فكأن الرجل استصغر سنّه ، فقال له أبو الحسن : ان الله بعث عيسى بن مريم قائما بشريعته وهو في دون السن التي يقوم فيها أبو جعفر على شريعتنا.
فلما مضى الرضا عليه السّلام في سنة اثنتين ومائتين كانت سن أبي جعفر نحو سبع سنين.
واختلفت الكلمة من الناس ببغداد وفي الأمصار واجتمع الريان بن الصلت وصفوان بن يحيى ومحمد بن حكيم وعبد الرحمن بن الحجاج ويونس بن عبد الرحمن وجماعة من وجوه الشيعة وثقاتهم في دار عبد الرحمن بن الحجاج في بركة زلول يبكون ويتوجعون من المصيبة فقال لهم يونس بن عبد الرحمن : دعوا البكاء ، من لهذا الأمر؟ وإلى من يقصد بالمسائل الى أن يكبر هذا الصبي؟ ـ يعني أبا جعفر عليه السّلام.
فقام إليه الريّان بن الصلت فوضع يده في حلقه ولم يزل يلطمه ويقول له : يا ابن الفاعلة أنت تظهر الايمان لنا وتبطن الشك والشرك. ان كان أمره من الله ـ جل وعلا ـ فلو انّه ابن يوم واحد كان بمنزلة ابن مائة سنة ، وان لم يكن من عند الله فلو عمّر ألف سنة فهو كواحد من الناس. هذا ما ينبغي أن يفكر فيه.
فأقبلت العصابة على يونس تعذله وتوبّخه. وقرب وقت الموسم واجتمع من فقهاء بغداد والأمصار وعلمائهم ثمانون رجلا وقصدوا الحجّ والمدينة ليشاهدوا أبا جعفر عليه السّلام ،