فلما وافوا أتوا دار أبي عبد الله جعفر بن محمد عليه السّلام فدخلوها وأجلسوا على بساط كبير أحمر وخرج إليهم عبد الله بن موسى فجلس في صدر المجلس وقام مناد فنادى : هذا ابن رسول الله صلّى الله عليه وآله ، فمن أراد السؤال فليسأله.
فقام إليه رجل من القوم فقال له : ما تقول في رجل قال لامرأته أنت طالق عدد نجوم السماء؟
قال : طلقت بثلاث بصدر الجوزاء والنسر الواقع.
فورد على الشيعة ما حيّرهم وغمّهم.
ثم قام إليه رجل آخر فقال : ما تقول في رجل أتى بهيمة؟
فقال : تقطع يده ويجلد مائة وينفى.
فضجّ القوم بالبكاء. وقد اجتمع فقهاء الأمصار من أقطار الأرض بالمشرق والمغرب والحجاز ومكة والعراقين واضطربوا للقيام والانصراف حتى فتح عليهم باب من صدر المجلس وخرج موفق الخادم بين يدي أبي جعفر عليه السّلام وهو خلفه وعليه قميصان وأزار عدني وعمامة بذؤابتين احداهما من قدام وأخرى من خلفه وفي رجليه نعل بقبالين فسلّم وجلس ، وأمسك الناس كلّهم ، فقام صاحب المسألة الاولى فقال له : يا ابن رسول الله ما تقول في رجل قال لامرأته أنت طالق عدد نجوم السماء؟
قال عليه السّلام : اقرأ كتاب الله عز وجل (الطَّلاقُ مَرَّتانِ فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ).
قال له : فان عمّك قد أفتانا أنّها قد طلقت.
فقال له : يا عم اتق الله ولا تفت وفي الامامة من هو أعلم منك.
فقام إليه صاحب المسألة الثانية فقال : يا ابن رسول الله ما تقول في رجل أتى بهيمة؟
فقال له يعزّر ويحمى ظهر البهيمة وتخرج من البلد لئلا يبقى على الرجل عارها.
فقال له : ان عمّك أفتى بكيت وكيت.
فقال : لا إله إلّا الله! يا عمّ انّه لعظيم عند الله أن تقف غدا بين يديه ، فيقول لك : لم أفتيت عبادي بما لم تعلم وفي الامامة من هو أعلم منك.