هذه الثمرة من الغرس الثالث.
فنادى نوح ربّه جل وعلا وسأله وتضرّع إليه وقال : يا ربّ لم يبق من شيعتي الا القليل وان لم أرجع إليهم بما فيه فرجهم تخوفت عليهم.
فأوحى الله إليه (أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا وَوَحْيِنا) وأمره أن يجعل جذوع النخل الأول عرض السفينة والثانية جوانبها والثالثة سقوفها.
فروي انّ قومه مروا عليه وعلى شيعته وقد غرسوا النوى فجعلوا يضحكون ويقولون قد قعد (فلما قطع النخل ونحته جعلوا يمرّون ويضحكون ويقولون قد) قعد نجارا فلمّا الف السفينة جعلوا يقولون قد جلس في البر ملّاحا.
وروي انّه عملها في دورين وهما ثمانون سنة وكان طولها ألف ومائتي ذراع وعرضها مائة ذراع وارتفاعها ثمانون ذراعا وكان بنيتها في المكان الذي هو مسجد الكوفة.
وأوحى الله جل وعز إليه (لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ) فعند ذلك دعا عليهم فقال (رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً) فروي ان الله تعالى أعقم النساء قبل الغرق أربعين سنة فلم يغرق إلّا الرجال البالغين.
وأوحى الله إليه ان احمل في السفينة من كلّ زوجين اثنين. فحمل كلّ شيء إلّا ولد الزنا.
وكان ميعاده في إهلاك القوم أن يفور التنور ففار فجاءت ابنته فقالت ان التنور قد فار. فقام عليه السّلام الى الماء فختمه فوقف حتى أدخل في السفينة ما أراد إدخاله ثم جاء الى الخاتم ففضّه وكشف الطبق ففار الماء وأرسل الله إليهم المطر وزعموا ان التنور كان يفور وفار الفرات وفاضت العيون والأودية (وَنادى نُوحٌ ابْنَهُ) ... (يا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنا) فأجابه بما قص الله في كتابه.
وروي ان فرش الأنبياء عليهم السّلام لا توطأ وان الله جلّ وعلا نفى عنه ان يكون ابنه لما لم يتبعه فقال له انّه ليس من أهلك انّه عمل غير صالح ، فأغرق الله الكفّار وأنجى المؤمنين الذين كانوا في السفينة.