من تحت حوافر الفرس فصرّها في صرّة. فلما ابطأ موسى على قومه قال لهم هارون : انّكم كنتم قد استعرتم حليا من آل فرعون وأخرجتموها معكم فاخرجوه وارموا به وتوبوا منه وتطهروا.
ففعلوا ما أمرهم به ورموا بالحلي فأخذه السامري وكان صائغا فصاغ منه عجلا جسدا ثم ادخل الصرّة التي أخذها من تحت الحوافر في فم العجل فاذا هو يخور وقال لهم : هذا (إِلهُكُمْ وَإِلهُ مُوسى) فعكفوا عليه.
فقام هارون خطيبا فيهم فحمد الله وأثنى عليه ثم قال لهم (يا قَوْمِ إِنَّما فُتِنْتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي. قالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنا مُوسى).
فلما رجع موسى وخبر بالخبر قال له هارون ما قاله وأجابه بما قص الله به ، فأخذ موسى العجل فوضع عليه المبارد حتى برد كلّه وذراه في البحر فبادر بنو اسرائيل الى البحر ليطرحوا أنفسهم فيه ندامة على ما فعلوه ورجوعا وتوبة فمنعهم.
وأمرهم أن لا يشربوا من النهر وكان خليجا من البحر.
فشربوا منه إلّا قليلا منهم فصار حول شفاههم من ذهب فعرف المخالفين منهم ثم قام موسى عليه السّلام خطيبا وذكّرهم بأيام الله وجميل بلائه فأخذ بقلوب بني إسرائيل فقالوا له : يا نبي الله هل بقي نبي أعلم منك؟ فقال : لا.
فأوحى الله إليه : يا موسى هلّا وكلت العباد إلى علمي حين سألوك.
فروي انّه كان تحت المنبر في ذلك اليوم ألف نبي مرسل ثم جاءه جبرئيل عليه السّلام فأمره عن الله عز ذكره بطلب العلم وقال له : هو في مكان كذا وكذا.
فسأل موسى أن يعرفه مكانه فأعطى مكتلا فيه حوت مملوح وقيل له هذا زادك وهو يدلّك على المكان.
فخرج هو وفتاه يوشع فسارا حتى انتهيا الى عين فأخرج يوشع الحوت ليغسله في الماء فاضطرب في يده ، وكان من العين نفق الى البحر ونسي الحوت فلما جاعا دعا موسى بالطعام فذكر الفتى يعني يوشع ما صنع الحوت.