ثلاثة أيام فخرج الرجل مبادرا حتى صار الى شاطئ البحر فوجد مركبا صغيرا فجلس فيه فقال له الملّاحون ـ وكان في المركب ثلاثة نفر ـ أين تريد؟.
فلم يخبرهم فلما ألحوا عليه عرّفهم الموضع الذي يريده فجعلوا يتضاحكون به وصاحب السكان من بينهم يهزأ منه ويقول كيف تبلغ مسيرة ثلاثة أشهر في يوم واحد.
فاغتم وأوقع الله عليه السبات فانتبه وهو على باب المدينة فخرج من المركب فلما دنا من باب المدينة وجد المسيح عليه السّلام يطلع من السور فكلّمه وسأله من خبره فقال له الرجل أرى انّك كنت صاحب السكان في المركب ثم دخل الى المدينة وصار الى الملك فزجره ووعظه فأتاه ابليس فأغراه به فأخذوه وأدخلوه الى المجلس الذي يسمنون فيه فلما رآه صاحبه وثب إليه فسأله عن خبره فأمره بالخروج فقال له أين أخرج وانما أردت إذا خرجت أن أصير إليك. فقال : تنتظرني على باب المدينة.
فخرج والحرس جلاس فلم يره منهم أحد.
وأغرى ابليس بالرجل وقال لهم هذا وأمثاله آفة الملوك والوجه أن يعذّب حتى يرتدع به غيره وأشار أن يرجم بالحجارة ويسحب على الحصباء لوجهه وساير جسده حتى يترضض فيألم جسده ، ففعل به ذلك وغلظ عليه الأمر ، فشكا الى الله عز وجل وقال يا ربّ ان كان أجلي قد قرب فاقبضني إليك وإلّا ففرّج عني فلم يبق فيّ موضع للصبر فأوحى الله إليه أن لك عندي منزلة لم تبلغها إلّا بالصبر على أغلظ المحن وقد فرّجت عنك وأمرت كلّ ما في المدينة بطاعتك فاخرج فخرج الى صنم لهم من حجارة فأمره أن ينبعث من سائره الماء فنبع الماء من عينيه وأنفه وأذنه وفمه وساير أعضائه فغرق خلق من أهل المدينة ، وعلم الباقون السبب في غرقهم فصاروا إليه خاضعين طالبين ، وآمنوا ونزلوا على حكمه واتبعوه فأمر الصنم ان يبتلع الماء فابتلعه وبقي من مات بذلك العذاب مطروحا فأحياهم باذن الله جميعا فآمن به جميع أهل المدينة.
وكان المسيح صلّى الله عليه يبشّر الحواريين بالنبيّ محمّد صلّى الله عليه وآله فيقولون هو منّا ونحن شيعته فكان في الانجيل لا يلي أمر الامّة رجل وفيهم من هو أعلم منه إلّا كان أمرهم إلى سفال.