ثم نشأ وأرسله الله عز وجل وكان مربوع الخلق الى الحمرة والبياض سبط الشعر كان رأسه يقطر من غير ماء يصيبه وكانت شريعته التوحيد شريعة نوح وإبراهيم وموسى فأنزل الله عليه الإنجيل وأخذ عليه ميثاق الأنبياء بتحليل الحلال وتحريم الحرام والأمر والنهي والإنجيل مواعظ وأمثال ليس فيه قصص ولا حدود ولا فرائض ولا مواريث وأنزل الله عليه تخفيفا ممّا كان في التوراة وهو قوله (وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ) فآمن به المؤمنون بالحجج وكذّبه بنو اسرائيل فافترقوا فيه فرقا يختلفون فيه حتى قال بعضهم انّه إله وقال بعضهم انّه ابن الله جلّ الله وتعالى فاقشعرت الأرض وتشوّك الشجر من ذلك الزمان.
ثم أحيا الموتى وأبرأ الاكمه والأبرص باذن الله.
وروي انّه لم يحي إلّا ميتا واحدا وانّه قام خطيبا في بني اسرائيل فحمد الله وأثنى عليه ثم قال يا بني اسرائيل لا تأكلوا حتى تجوعوا فاذا جعتم فكلوا ولا تشبعوا فانّكم إذا شبعتم غلظت رقابكم سمنت جنوبكم ونسيتم ربّكم. انّي أصبحت فيكم ادامي الجوع وطعامي ما تنبت الأرض للوحوش والبهائم ، وسراجي القمر ، وفراشي التراب ، ووسادي الحجر ، ليس لي بيت يخرب ولا مال يتلف ، ولا ولد يموت ، ولا امرأة تحزن ، وكان صلّى الله عليه قد بعث بالسياحة والتقشف فمر وهو يسيح في الأرض بقوم يبكون فقال من أي شيء يبكي هؤلاء القوم؟ قالوا له على ذنوبهم فقال عليه السّلام يتركونها يغفر الله لهم.
واتبعه الحواريون وكانوا اثني عشر رجلا وهم التلاميذ ووجّه الى البلدان بالرسل ودعاهم الى التوحيد فاتصل به ان ملكا في بعض البلدان يأكل الناس هو وأهل مملكته وانّهم يسمنون الناس ويغذونهم بأغذية تزول بها أفهامهم حتى يسمنوا ثم يأكلونهم فأمر المسيح عليه السّلام أحد خواصّه أن يرسل ببعض ثقاته إليهم ينذرهم ويحذّرهم فوجّه إليهم وكان بينه وبينهم مسيرة ثلاثة أشهر فلما دخل الى مدينتهم اتاهم ابليس فأغراهم به حتى أخذوه فحبسوه في الموضع الذي يسمنون فيه الناس وسقوه ما كانوا يسقونهم فمكث على عادته وكانت العادة أن يخرجوا الرجل بعد شهر من محبسه فيذبحوه فلما مضى للرجل سبعة وعشرون يوما قال المسيح للمرسل به ادرك أخاك فانّه لم يبق من أيامه إلّا