برسوله ، ثم رجعوا عن ذلك لبلاء أصابهم من الدنيا ، وكانوا يقولونه لأنفسهم ، فأنزل الله عزوجل فيهم : (قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ) إلى قوله (مَثْوىً لِلْمُتَكَبِّرِينَ) [سورة الزمر ، الآية : ٥٣ إلى ٦٠].
قال عمر : فكتبتها بيدي كتابا ثم بعثت بها إلى هشام. قال هشام بن العاص : فلما قدمت علي خرجت بها إلى ذي طوى (١) ، فجعلت أصعد فيها وأصوب لأفهمها (٢) ، فقلت : اللهم ، فهّمنيها ، فعرفت أنما أنزلت فينا لما كنا نقول في أنفسنا ، ويقال فينا ، فرجعت فجلست على بعيري ، فلحقت برسول الله صلىاللهعليهوسلم [وهو بالمدينة](٣).
وقتل هشام بأجنادين في ولاية أبي بكر رضياللهعنه.
كان العاص بن وائل نذر في الجاهلية أن ينحر مائة بدنة (٤) ، وإن هشام بن العاص نحر حصته خمسين بدنة. وإن عمروا سأل النبي صلىاللهعليهوسلم عن ذلك فقال : أما أبوك ـ وكان أقر بالتوحيد ـ فقمت وتصدقت عنه. نفعه ذلك.
وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم :
«ابنا العاص مؤمنان : هشام وعمرو» (٥) [١٤٣٦١].
قال سعيد بن عمرو الهذلي :
قدم رسول الله صلىاللهعليهوسلم مكة يوم الجمعة لعشر ليال بقين من رمضان ، فبث السرايا في كل وجه ، وأمرهم أن يغيروا على من لم يكن على الإسلام ، فخرج هشام بن العاص في مائتين قبل يلملم (٦).
وعن علي بن رباح قال :
__________________
(١) ذو طوى : موضع بأسفل مكة.
(٢) كذا بالأصل ، وأسد الغابة ، والذي في سيرة ابن هشام : ولا أفهمها.
(٣) زيادة للإيضاح عن سيرة ابن هشام.
(٤) البدنة : الناقة أو البقرة تنحر بمكة ، سميت بذلك لأنهم كانوا يسمنونها (اللسان).
(٥) الإصابة ٣ / ٦٠٤ والاستيعاب ٣ / ٥٩٥.
(٦) يلملم ـ وقيل ألملم ـ موضع على ليلتين من مكة ، وقيل : هو جبل من الطائف على ليلتين أو ثلاث ، وقيل : هو واد هناك (معجم البلدان).