العسكر كر عمرو بن العاص ، فجمع لحمه وأعضاءه وعظامه ، وحمله في نطع (١) فواراه.
ولما بلغ عمر بن الخطاب قتله قال : رحمهالله ، فنعم العون كان للإسلام.
قال أبو الجهم بن حذيفة العدوي :
انطلقت يوم اليرموك أطلب ابن عمي ومعي شنّة (٢) من ماء ، فقلت : إن كان به رماق (٣) سقيته من الماء ومسحت به وجهه ، فإذا أنا به ينشغ (٤) ، فقلت : أسقيك؟ فأشار أن نعم ، فإذا رجل يقول : آه ، فأشار ابن عمي أن انطلق إليه ، فإذا هو هشام بن العاص ، فأتيته فقلت : أسقيك؟ قال : نعم ، فسمع آخر يقول : آه ، فأشار هشام أن انطلق إليه ، فجئته فإذا هو قد مات ، ثم رجعت إلى هشام فإذا هو قد مات ، ثم أتيت ابن عمي فإذا هو قد مات.
قال عمرو بن شعيب :
علق عمرو يوم اليرموك سبعين سيفا بعمود فسطاطه قتلوا من بني سهم.
دخل (٥) عمرو إلى الطواف ، فتكلم فيه نفر من قريش ، فقال لهم : ما قلتم؟ قالوا : تكلمنا فيك وفي أخيك هشام : أيكما أفضل ، فقال : أفرغ من طوافي وأخبركم. فلما انصرف من طوافه قال : أخبركم عني وعنه : بيننا خصال ثلاث : أمه بنت هشام (٦) بن المغيرة ، وأمي أمي (٧) ، وكان أحبّ إلى أبيه مني ، وفراسة الوالد في ولده فراسته ، واستبقنا إلى الله فسبقني.
وفي رواية :
فبات وبت يسأل الله ، وأسأله إياها ، فلما أصبحنا رزقها وحرمتها ، ففي ذلك يبين لكم فضله علي.
[قال أبو محمد بن أبي حاتم](٨) :
__________________
(١) النطع : بالكسر فسكون : قطعة من الجلد.
(٢) الشنة : سقاء خلق ، وهو أشد تبريدا للماء من الجديد (النهاية لا بن الأثير : شنن).
(٣) رماق ورماق أي بلغة ، أو قليل يمسك الرمق. قال يعقوب : ومن كلامهم : موت لا يجر إلى عار خير من عيش في رماق (تاج العروس : رمق).
(٤) ينشغ أي يمص بفيه (اللسان : نشغ).
(٥) الخبر باختلاف الرواية في الاستيعاب ٣ / ٥٩٤ (هامش الإصابة) والإصابة ٣ / ٦٠٤.
(٦) في الاستيعاب : هاشم.
(٧) كذا ، وأم عمرو بن العاص النابغة من بني عنزة ، كما في الإصابة ٣ / ٢. والذي في الاستيعاب هنا : وأمي سبية.
(٨) زيادة للإيضاح.