إن نوحا بعد أن كان نبيا صار نجارا (قالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَما تَسْخَرُونَ. فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذابٌ مُقِيمٌ)(١) وبعد تمام بنائها قال الله تعالى له : (فَاسْلُكْ فِيها مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ وَلا تُخاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ)(٢) فكان عاقبة طغيانهم وتكذيبهم لرسولهم الذي قام حق القيام بالنصيحة لهم ، ولكن من يضلل الله فما له من هاد إن غضب الله عليهم ، فأشهر عليهم سيف النقمة وعمّهم بالطوفان فلم يبق منهم ديار ولا نافخ نار ، فاعتبروا يا أولي الأبصار ، وقد اختلف العلماء في الطوفان هل كان عاما لجميع الأرض أو خاصا لبعضها ، والتحقيق أنه عام خلافا لمن يقول بخصومه ، ولو أنابوا إلى الله ورجعوا إليه لوجدوا الله توابا رحيما. ألا ترى إلى قول نوح عليهالسلام : (ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهاراً* ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْراراً* فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً* يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً)(٣).
__________________
(٣٧) سورة هود ، الآيتان ٣٨ ـ ٣٩.
(٣٨) سورة المؤمنون ، الآية ٢٧.
(٣٩) سورة نوح ، الآيات ٨ ـ ١١.