المكان في الوقت المعين ، وشرعت في إلقاء الدرس مستعينا بالله تعالى عساه أن يطلق لساني إذ بيده الخير وهو على كل شيء قدير. وبينما كنت أقرر لهم ذلك حضر جم غفير من شيعة العراق وفي مقدمتهم أحد فضلائهم صاحب كتاب الحق المبين في الاستظهار على القسيسين ، وقد كان أخبرني بوجوده السيد الأنصاري المومأ إليه ، كما أنه أخبر المؤلف المشار إليه بوجودي في السفينة ، فأهدى إليّ الجزء الثاني من كتابه المذكور ، ثم حضر عندي فأجلسته عن يميني واحترمته احتراما يليق بأمثاله ، وكان المكان غاصا بأهل السنة والشيعة وبما أنني واقف تمام الوقوف على أحوال علمائهم حينما كنت قاضيا في صور فإنهم مغرمون بحب الجدل ، فقد هيئت نفسي للدفاع لأنني أيقنت بأني سأدخل معه في حرب عوان ، لا سيما وأن في صحبته بعض زعماء العراق ، فطبعا يريد أن يظهر أمامهم مظهر المنتصر على هذا العاجز حتى يعلو مقامه عندهم ، وحيث أنني لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا التجأت إليه تعالى سائلا منه أن يؤيدني في هذه الحرب بروح منه ، وكأنه سبحانه وتعالى استجاب دعائي ففتح عليّ فتوحا جعل خصمي بعد أن كان عزيزا في نفسه ذليلا بين يدي الحق الذي يعلو ولا يعلى عليه ، حتى صرح بالاعتراف أمام الحجاج بفضل هذا الحقير حيث قال : إنني ناظرت كثيرا من علماء السنة فلم أر أحسن خلقا وألين عريكة من هذا الأستاذ ، وقد أردت إنهاء المناظرة بتفسير