فالعدل من معدنه لا يستغرب ، إذ من بلاد الحجاز والعرب أشرقت أنوار العدالة وطمست معالم الجور والضلالة ، وتأيد التوحيد ودك جبل الشرك العنيد ، حتى قال قائلهم بعد اعتناق الإسلام :
والله لو لا الله ما اهتدينا |
|
ولا تصدّقنا ولا صلينا |
فأنزلن سكينة علينا |
|
وثبت الأقدام إن لاقينا |
(وَقُلْ جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً)(١) ولما علونا على ظهر القمرة وهبّ علينا نسيم السرور مبشرا لنا بذهاب آلام الجسم الذي لم يقدر على حر الحجاز ، مع أن الروح متعلقة بحب تلك الديار والآثار المباركة ، حتى أن فراقها لها تبعا للجسم كان أشد عليها من عذاب النار انفتحت منا الشهية ، فكنا نأكل الأسماك الحلوية وغير ذلك من أنواع الطعام البرية والبحرية ، وغير خاف على كل ذي فطنة وروية إن زمن السرور قصير ولو طال.
أعوام إقباله كاليوم في قصر |
|
ووقت إعراضه في الطول كالحج |
ثم وصلنا إلى طور سيناء حيث منّ الله تعالى على عبده موسى الكليم بالرسالة والتكليم ، على نبينا محمد وعليه الصلاة والسلام ، فرست تلك السفينة على ساحله ثم أقبل علينا مفتش المحاجر الصحية سعادة السيد مسيري بك المتخلق بالأخلاق المحمدية ، بادئا لنا بالتحية ومتأدبا بالآداب
__________________
(٦٤) سورة الإسراء ، الآية ٨١.