بعيد ، ودار بينه وبين بعضهم حديث ، وتسلق بعض عفاريتهم سطح القطار ، وكسر نوافذ الزجاج ودخل شاهرا السلاح ، وكسر الآن زجاج النافذة الشمالية ودخل ، ثم هجم آخرون من الباب وبأيديهم المسدسات والمدي ، فقال لهم أحد الجنود : يا بني عطية : ستندمون على هذا العمل ، وستحرمون حقكم في المستقبل. ولكنهم أخذوا يسلبون بلا مبالاة ، ويختارون ما خف حمله ، وغلا ثمنه ، بحال مخيفة مرعبة ، ووجوه وأزياء تقشعر منها الأبدان ، وساعة رهيبة تشيب لهو لها الولدان ، ووجدوا معنا شيخا ضعيفا من عرب «عنزة» فقال بعضهم بصوت عال : «حامد» وقال الآخر : حامد بن عبد الله فقالوا : اقتلوه ، فصوّب بعضهم البندقية لقتله ، ومدّ الآخر المدية لذبحه ، قلت «أنا» : لا تقتلوني ، وليس لكم ثأر عندي ، ثم سلبوه اثنين وأربعين جنيها ذهبا إنكليزيا ، وأربعة وتسعين مجيديا ، وشبرية ، ومحزوم بارود وحق «ذهبة» مجيدي ٢ ونصف ، وثلاث عبي «٤٠ مجيدي» ، وعقال عدد ١ ، وثوبين باليين.
وانبعث إليّ شقي منهم فسلبني أربعين جنيها عثمانيا ذهبا ، وعددا من المجيديات ، ونقودا صغيرة ، ولم يبقوا عندي شيئا من النقود لا فضة ولا ذهبا ، وسلبوني عباءتي وعقالي وجبتي وقنبازي وجاكيتي وزنارين ولم يبقوا على بدني غير السروال والقميص والصدرية ، وأصابني من جراء ذلك برد شديد ، وألم في معدتي عظيم ، وعاود سلبي ثلاث مرات ، وأحدهم كان يهوي بالمدية علي ويحاول بها قتلي ، ويقول لي أين الذهب؟ يريد بذلك إخباره عن مقدار ذهبي وذهب غيري