غاية ولم ترد منتهى".
قال أبو سعيد : اعلم أن سيبويه ذكر في هذا الموضع مذ على أنها حرف ، وما بعدها مخفوض ، وذكر بعد هذا مذ على أنها اسم في حيز ما ذكر من الأسماء غير المتمكنة على حرفين ، وقد أحكم فيها وفي منذ كلام في موضعهما.
قال : " وأما في فهي للوعاء ، تقول : هو في الجراب وفي الكيس ، وهو وفي بطن أمه ، وكذلك هو في الغل ، لأنه جعله إذا أدخله فيه كالوعاء له ، وكذلك هو في القبة وهو في الدار ، وإن اتسعت في الكلام فهي على هذا ، وإنما تكون كالمثل يجاء به يقارب الشيء وليس مثله".
قال أبو سعيد : إذا قال هذا في ملكي وهذا في ظني وفي علم زيد ، والضيعة في يدي ، وهذه أشياء يتسع فيها ، لأن الظن ليس بوعاء للشيء المظنون ، ولا هو مكان له ، ويدك ليست بوعاء للضيعة ، فهذا معنى كلام سيبويه ، فإن اتسعت في الكلام فهي على هذا.
" وأما عن فلما عدا الشيء ، وذلك قولك : أطعمهم عن جوع ، جعل الجوع منصرفا تاركا له قد جاوزه وقال : سقاه عن العيمة وكساه عن العري جعلهما قد تراخيا عنه ، ورميت عن القوس ، لأنه بها قذف سهمه عنها وعداها ، وتقول : جلس عن يمينه فجعله متراخيا عن بدنه وجعله في المكان الذي بحيال يمينه ، وتقول : أضربت عنه وأعرضت عنه ، وإنما تريد تراخى عنه وجاوزه إلى غيره ، وتقول : أخذت عنه حديثا أي عدا منه إلى حديث" فهذا يقال.
قال أبو سعيد : هذا تقديره ، وإن كان أصل الحديث باقيا مع المأخوذ عنه ، لأن الحديث الذي أخذته عنه وصل إليك كما يصل الدرهم منه إليك فلا يبقى معه الدرهم إذا وصل إليك فمجازهما واحد في عن.
قال : " وقد تقع من موقعها ، تقول : أطعمه من جوع وكساه من العري وسقاه من العيمة" وهو يشبه الغاية.
قال : " وما جاء من الأسماء غير المتمكنة على حرفين أكثر مما جاء من المتمكنة ؛ لأنها حيث لم تمكن ضارعت هذه الحروف لأنها لم يفعل بها ما فعل بتلك ولم تصرف تصرفها".
قال أبو سعيد : يريد أن الأسماء التي لا تتمكن وهي على حرفين أكثر من المتمكن