وصلصلت جعلت أوائل) ما ذكرنا مفتوحا كأوائل ما كان من فعلت الذي هو على ثلاثة أحرف نحو ذهب وضرب وقتل وعلم وصارت احرنجمت واقشعررت كاستفعلت لأنها لم تكن هذه الألفات فيها إلا لما حدث من السكون ولم تلحق لتخرج بناء الأربعة إلى بناء من الفعل أكثر من الأربعة كما أن أفعل خرجت من الثلاثة إلى بناء من الفعل على الأربعة ؛ لأنه لا يكون الفعل من نحو سفرجل لا تجد في الكلام مثل سفرجلت ، فلما لم تكن كذلك صرفت إلى باب استفعلت فأجري مجرى ما أصله الثلاثة".
هذا الفصل من كلام سيبويه احتجاج في فتح المستقبل مما في ماضيه ألف الوصل ، فقال : لأنها تعني ألف الوصل لا تلزم الكلمة فهي كالهاء في عه وإذا لم تلزم الكلمة وقد دخلت على ما أصله الثلاثي لم يجب الضمّ الذي يجب في مثل قولنا : أكرم يكرم ، وقاتل يقاتل ، وصار احرنجمت واقشعررت اللذان أصلهما الرباعي كاستفعلت ؛ لأن الألف لم تدخل في احرنجمت واقشعررت لتنقله إلى بناء من الفعل أكثر من الرباعي ؛ لأنه ليس في الكلام فعل من الخماسي مثل سفرجلت ولم يكن مثل أفعل الذي دخلت الألف على الثلاثي فيه فأخرجته إلى مثال الرباعي في اللفظ كدحرج وصلصل وما أشبه ذلك قال :
" واعلم أن هذه الألفات إذا كان قبلها كلام حذفت ؛ لأن الكلام قد جاء قبله ما يستغنى به عن الألف كما حذفت الهاء حين قلت ع يا فتى ، فجاء بعدها كلام وذلك قولك : " يا زيد اضرب" و" يا زيد اقتل" و" يا عثمان استخرج" وإن ذلك حرنجم وكذلك جميع ما كانت ألفه موصولة".
قال أبو سعيد : يريد أن ألف الوصل إذا كان قبلها كلام سقطت من اللفظ ؛ لأنها وصلة إلى الساكن قبلها ، فالكلام الذي قبلها يغني عنها في الوصلة إلى الساكن فتسقط من الوصل كما تسقط الهاء من عه إذا وصلت فقلت ع يا فتى.
واعلم أن ألف الوصل مكسورة أبدا في الاسم والفعل ؛ لأنها جعلت وصلة إلى الساكن فحركت بالحركة التي تجب في التقاء الساكنين وهي الكسرة ، فإن كان الحرف الثالث من ألف الوصل مضموما ضموا الألف كقولك : أقتل أخرج أستضعف أحتقر وما أشبه ذلك ؛ وذلك لأنهم كرهوا أن يخرجوا من كسرة إلى ضمة وليس بينهما إلا حرف ساكن وليس في الكلام مثل هذا ولا في الكلام فعل فأتبعوا الضمة الضمة كما يقلبون في باب الإدغام الحرف إلى ما يقاربه ليدغم أحدهما في الآخر فيكون اللفظ من وجه واحد ويرفع اللسان من موضع واحد.
" ودعاهم ذلك إلى أن قال بعضهم : أنا أجؤك وأنبؤك وهو منحدر من الجبل" أي