قال وإنما ألقيت كسرة العين على الفاء فيما لم يسم فاعله كما ألقيت ضمة العين وكسرتها على الفاء في قلت وبعت فإن قال قائل كيف صار ما سمي فاعله تسكن عينه ولا تلقي حركتها على الفاء بل تقلب ألفا لأنفتاح الفاء ولا يكون ما لم يسم فاعله تابعا للفاء. قيل له اتبعوا في كل واحد منهما ما يليق بمذاهب العرب من إيثار التخفيف وذلك أن اتباع العين الفاء فيما سمي فاعله ، لأن الفاء مفتوحة وإذا اتبعوها العين صيروها ألفا والألف أخف الحروف ولو ألقوا على الفاء حركة العين لصارت الفاء مرة مكسورة ومرة مضمومة لأن في الفعل ما هو على فعل وفعل نحو طال وخاف فكانت تضم العين مع الضمة واوا ومع الكسرة ياء والألف أخف منهما وأما ما لم يسم فاعله فإلقاء حركة العين أخف من اتباع العين الفاء وذلك أن الفاء مضمومة والعين مكسورة فإذا ألقينا حركة العين على الفاء انكسرت الفاء وانقلبت العين ياء إن كانت واوا فتصير الفاء مكسورة والعين ياء إذا جعلنا العين تابعة للفاء صيرناها واوا وإن كانت ياء في الأصل فقلنا بوع ورود وما أشبه ذلك فالكسرة والياء أخف من الضمة والواو.
قال : " ومن العرب من يشمّ الضم فيما لم يسم فاعله حرصا على البيان لعلامة ما لم يسم فاعله إن كانت علامته ضم أوله فيقول خيف وبيع ومنهم من يحمل ما لم يسم فاعله على ما سمي فاعله فيتبع عين الفعل فإذن كما فعل ذلك بما سمي فاعله فيقول" بوع وقول" كما يقول" باع وقال" وليس ذلك بالكثير في كلامهم".
قال : " فإذا قلت فعل صارت العين تابعة وذلك قولك" باع وخاف وهاب" ولو لم يجعله تابعا للفاء فيجعل العين ألفا لالتبس ما سمي فاعله بما لم يسم فاعله ؛ لأنا نقول فيما لم يسم فاعله خيف وهيب على ما ذكرنا من إلقاء حركة العين على الفاء وكان يكون خيف وهيب فيما سمي فاعله أيضا وذلك أن أصل خاف خوف وهاب هيب فكنا نلقي حركة الواو على الخاء فتصير الخاء مكسورة والواو ساكنة فتنقلب ياء فتصير حرفا فكرهوا أن يساوى ما سمي فاعله وما لم يسم فاعله فإن قال قائل فقد استوى ما سمي فاعله وما لم يسم فاعله في فعل المتكلم وذلك أن خاف يقول فيه المتكلم لنفسه خفت وخيف أيضا يقول فيه المتكلم لنفسه خفت قيل له فعل المتكلم قد تتغير فيه الأبنية الموضوعية في الأصل فلا يجعل أصلا يحتذى عليه ألا ترى أن" قال" و" باع" فعل فإذا قلت" قلت" و" بعت" صار فعلت وفعلت والأصل فعلت أو لا ترى أن فعل المتكلم تسكن لامه فيلحقه من التغيير ما ليس له في الأصل وهو أيضا أقل من فعل الغائب فإذا