وقال عقيب قلب الواو ياء" وقالوا في" حور"" حير" وأنشد أبو العباس :
عيناء حوراء من العين الحير (١)
* وذكر بعض النحويين : أن الحير ليست بمنزلة مشيب وأنه لا يقال حير إلا في الإتباع وإنما قال الشاعر" الحير" لتقدم العين وذكرها معها ، ولو لا العين ما جاز الحير كما قالوا الغدايا والعشايا ولو لا العشايا ما جاز الغدايا ، ومثله فأخذ ما قدم وما حدث ولا يقال حدث إلا مع قدم ، وبعض العرب يخرجه على الأصل فيقول مخيوط ومبيوع فشبهوها بصيود وغيور حيث كان بعدها حرف ساكن ولم تكن بعد الألف فتهمز" يعني : أنهم شبهوا مخيوط بصيود في ضم الياء وترك الإعلال ولو كانت هذه الياء بعد ألف لهمزت كما همزت في بائع وهائب وزائد ، فليس كونها بعد الألف فهذا معنى قوله : " ولم تكن بعد الألف فتهمز.
قال : " ولا نعلمهم أتموا في الواوات ؛ لأن الواوات أثقل عليهم من الياءات ومنها يفرون إلى الياء فكرهوا اجتماعهما مع الضمة" يعني : كرهوا اجتماع الواو مع الضمة في ذوات الواو لو جاءت على الأصل فقالوا" مقوول" و" مصووغ" و" مخووف" كما قالوا" مخيوط" و" مجيء"" مخيوط" وبابه على الأصل أخف من الضمة على الواو في" اسودّ"" اسودد" فألقينا حركة الواو على السين ، فتحركت السين وسقطت ألف الوصل فهذا تغيير وانقلبت الواو ألفا ، فهذا تغيير ثان وسكنت الدال الأولى وكانت متحركة ، فأدغمت في الدال الثانية فهذه تغييرات كثيرة مجحفة ، وليس ذلك في راد وضال ، لأن الأصل في" راد"" رادد" فأدغمت الدال الأولى في الثانية فلم يكن من التغيير سواه وأيضا لو قلنا ساد وباض ، ثم صير الفعل للمتكلم لقال ساددت وباضضت فيشبه فاعلت ، فلما وجب أن يكون أفعل لا يعتل إذا كان عين الفعل معه واوا أو ياء ذكرنا في أسود وأبيض وجب أن يصح أعور وأحول وأصيد ، فإذا صح أعور كان عور في معناه لم يعل حتى يعلم أنه في معنى لا يعتل ومن حيزه ، وإنما يجيء فعل في أفعلّ نحو احمرّ واصفرّ واشهبّ ومثل ذلك أن تفاعل لا يعتل وافتعل يعتل فأمّا افتعل فنحو اختار واقتاد في اقتاد والأصل فيه اختير واقتود واعتلت الياء والواو في هذا البناء من قبل أن تاء افتعل مفتوحة والياء والواو بعدها
__________________
(١) المخصص ١ / ٤١٦ ، إصلاح المنطق ١ / ١٢٧ ، أدب الكاتب ١ / ٤٨٦.