وقال آخر : إنما هو من سريت والقول ما ذكرناه أولا أنه من تسررت وأما كلا وكل فليس أحد اللفظين من الآخر لأن موضعهما مختلف تقول كلا أخويك قائم ، ورأيت كلا أخويك ولا تقول كلا أخويك قائم ولا يجوز أن تجعل الألف في كلا بدلا من إحدى اللامين في كل إلا بثبت ولم يقم الدليل على ذلك.
قال سيبويه : " ولا يكون فيه تضعيف والألف في كلا هي لام الفعل كالألف في معا" لا خلاف بين أصحابنا في ذلك وهو واحد مضاف إلى اثنين كما تقول حجا أخويك واستدلوا على ذلك بقولهم كلا أخويك قائم فيوجدون جزء وكل يضاف إلى المعرفة والنكرة كقولك كل القوم وكل رجل وكل قد قال ذلك ولا يضاف كلا إلا إلى معرفتين ولا تفرد وإنما ذكر سيبويه كلا وكل في هذا الباب ليريك أن ألف كلا ليست منقلبة من لام كما أن ياء تظنيت منقلبة من نون ، وأختلف النحويون في ألف كلا هل هي ألف تثنية أم من بنية الواحد فقال البصريون كلا موحدة وهو فعل بمنزلة معا وأضيف إلى اثنين كما يقال رجا أخويك وحجا صاحبيك واستدلوا على ذلك بما ذكرناه ولو كانت الألف علامة التثنية لقلت رأيت علي أخويك ومررت بكلي أخويك ، كما تقول رأيت غلامي أخويك ومررت بغلامي أخويك.
وقد قال الشاعر :
كلا أبويكم كان فرعا دعامة |
|
ولكنهم زادوا وأصبحت ناقصا |
فوحّد كان فرعا دعامة وهو خبر كلا وأنت لا تقول أبواك كان قائما وقال الفراء الألف في كلا وكلتا للتثنية وتعلق ببيت أنشده لا يعرف قائله ولا فيه حجة وهو قوله :
في كلت رجليها سلامى واحده |
|
كلتاهما مقرونة بزائده (١) |
وهذا غلط من المحتج به لأنه أضافه إلى رجليها وهما اثنتان فان كانت كلتا مثناة وهي مضافة إلى اثنين فالواحدة مضافة إلى واحدة فكان ينبغي أن يقال في كلت رجلها ، وأما ما حكاه عن أبي الخطاب أنهم يقولون هاتان يريدون معنى هنين ففيه مذهبان أحدهما أن يقال أن سيبويه أراد أن هنانين وإن كان بمعنى هنين فهو لفظ على حياله ليس بمشتق
__________________
(١) البيت للمتنبي في ديوانه ٢٠٢ ، خزانة الأدب ١ / ١٤٠ ، تاج العروس ٣٩ / ٤١٤.